قال القاضي أبو محمد : وقد روي هذا بفتح الميم، وقيل : كان يشبه الطاس، وقيل : من نحاس - قاله ابن عباس أيضاً - ولعزة الطعام في تلك الأعوام قصر كيلها على ذلك الإناء. وكان هذا الجعل بغير علم من يامين - قاله السدي، وهو الظاهر.
فلما فصلت العير بأوفارها وخرجت من مصر - فيما روي وقالت فرقة بل قبل الخروج من مصر - أمر بهم فحبسوا. و﴿ أذن مؤذن ﴾ و" مخاطبة العير " تجوز، والمراد أربابها، وإنما المراد : أيتها القافلة أو الرفقة، وقال مجاهد : كانت دوابهم حميراً، ووصفهم بالسرقة من حيث سرق في الظاهر أحدهم، وهذا كما تقول : بنو فلان قتلوا فلاناً، وإنما قتله أحدهم.
فلما سمع إخوة يوسف هذه المقالة أقبلوا عليهم وساءهم أن يرموا بهذه المنقبة، وقالوا :﴿ ماذا تفقدون ﴾ ليقع التفتيش فتظهر براءتهم، ولم يلوذوا بالإنكار من أول، بل سألوا إكمال الدعوى عسى أن يكون فيها ما تبطل به، فلا يحتاج إلى خصام.
وقرأ أبو عبد الرحمن :" تُفقدون " بضم التاء، وضعفها أبو حاتم.
﴿ قالوا نفقد صواع الملك ﴾ : وهو المكيال وهو السقاية رسمه أولاً بإحدى جهتيه وآخراً بالثانية.
وقرأ جمهور الناس " صُواع " بضم الصاد وبألف، وقرأ أبو حيوة :" صِواع " بكسر الصاد وبألف، وقرأ أبو هريرة ومجاهد " صاع الملك " بفتح الصاد دون واو، وقرأ عبد الله بن عوف :" صُواع " بضم الصاد، وقرأ أبو رجاء " صوْع " وهذه لغة في المكيال - قاله أبو الفتح وغيره - وتؤنث هذه الأسماء وتذكر. وقال أبو عبيد يؤنث الصاع من حيث سمي سقاية، ويذكر من حيث هو صاع. وقرأ يحيى بن يعمر :" صوغ " بالغين منقوطة - وهذا على أنه الشيء المصوغ للملك على ما روي أنه كان من ذهب أو من فضة، فهو مصدر سمي به، ورويت هذه القراءة عن أبي رجاء. قال أبو حاتم : وقرأ سعيد بن جبير والحسن " صُواغ " بضم الصاد وألف وغين معجمة.