وشأن الجُعْل أن يكون أحد الطرفين معلوماً والآخر مجهولاً للضرورة إليه ؛ بخلاف الإجارة ؛ فإنه يتقدّر فيها العوض والمعوض من الجهتين ؛ وهو من العقود الجائزة التي يجوز لأحدهما فسخه ؛ إلا أن المجعول له يجوز أن يفسخه قبل الشروع وبعده، إذا رضِي بإسقاط حقه، وليس للجاعل أن يفسخه إذا شرع المجعول له في العمل.
ولا يشترط في عقد الجُعْل حضور المتعاقدين، كسائر العقود ؛ لقوله :﴿ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ﴾ وبهذا كله قال الشافعي.
الرابعة : متى قال الإنسان، من جاء بعبدي الآبق فله دينار لزمه ما جعله فيه إذا جاء به ؛ فلو جاء به من غير ضمان لزمه إذا جاء به على طلب الأجرة ؛ وذلك أن النبي ﷺ قال :" من جاء بآبق فله أربعون درهماً " ولم يفصل بين من جاء به من عقد ضمان أو غير عقد.
قال ابن خُوَيْزِ مَنْداد ولهذا قال أصحابنا : إن من فعل بالإنسان ما يجب عليه أن يفعله بنفسه من مصالحه لزمه ذلك، وكان له أجر مثله إن كان ممن يفعل ذلك بالأجر.
قلت : وخالفنا في هذا كله الشافعي.
الخامسة : الدليل الثاني جواز الكفالة على الرجل ؛ لأن المؤذن الضامن هو غير يوسف عليه السلام، قال علماؤنا : إذا قال الرجل تحمّلت أو تكفّلت أو ضمنت أو وأنا حَميل لك أو زعيم أو كَفيل أو ضامن أو قَبيل، أو هو لك عندي أو عليّ أو إليّ أو قِبَلي فذلك كله حَمَالة لازمة، وقد اختلف الفقهاء فيمن تكفل بالنفس أو بالوجه، هل يلزمه ضمان المال أم لا؟ فقال الكوفيون : من تكفّل بنفس رجل لم يلزمه الحق الذي على المطلوب إن مات ؛ وهو أحد قولي الشافعي في المشهور عنه.