وقال مالك والليث والأوزاعي : إذا تكفّل بنفسه وعليه مال فإنه إن لم يأت به غرم المال، ويرجع به على المطلوب ؛ فإن اشترط ضمان نفسه أو وجهه وقال : لا أضمن المال فلا شيء عليه من المال ؛ والحجة لمن أوجب غرم المال أن الكفيل قد علم أن المضمون وجهه لا يطلب بدم، وإنما يطلب بمال ؛ فإذا ضمنه له ولم يأته به فكأنه فوّته عليه، وعزه منه ؛ فلذلك لزمه المال.
واحتج الطحاوي للكوفيين فقال : أما ضمان المال بموت المكفول ( به ) فلا معنى له ؛ لأنه إنما تكفل بالنفس ولم يتكفل بالمال، فمحال أن يلزمه ما لم يتكفل به.
السادسة : واختلف العلماء إذا تكفل رجل عن رجل بمال ؛ هل للطالب أن يأخذ من شاء منهما؟ فقال الثوري والكوفيون والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق : يأخذ من شاء حتى يستوفي حقه ؛ وهذا كان قول مالك ثم رجع عنه فقال : لا يؤخذ الكفيل إلا أن يفلس الغريم أو يغيب ؛ لأن التبدية بالذي عليه الحق أولى، إلا أن يكون معدماً فإنه يؤخذ من الحميل، لأنه معذور في أخذه في هذه الحالة ؛ وهذا قول حسن.
والقياس أن للرجل مطالبة أي الرجلين شاء.
وقال ابن أبي ليلى : إذا ضمن الرجل عن صاحبه مالاً تحول على الكفيل وبرىء صاحب الأصل، إلا أن يشترط المكفول له عليهما أن يأخذ أيهما شاء ؛ واحتج ببراءة الميت من الدين بضمان أبي قتادة، وبنحوه قال أبو ثور.
السابعة : الزعامة لا تكون إلا في الحقوق التي تجوز النيابة فيها، مما يتعلق بالذمة من الأموال، وكان ثابتاً مستقراً ؛ فلا تصح الحمالة بالكتابة لأنها ليست بدين ثابت مستقر ؛ لأن العبد إن عجز رَقَّ وانفسخت الكتابة ؛ وأما كل حق لا يقوم به أحد عن أحد كالحدود فلا كفالة فيه، ويسجن المدعى عليه الحد، حتى ينظر في أمره.


الصفحة التالية
Icon