في قوله :﴿عليهم﴾ أي على جماعة الملك : المنادي وغيره ﴿ماذا تفقدون﴾ مما يمكننا أخذه ﴿قالوا نفقد﴾ وكأن السقاية كان لها اسمان، فعبروا هنا بقولهم :﴿صواع الملك﴾ والصواع : الجام يشرب فيه ﴿ولمن جاء به﴾ أي أظهره ورده من غير تفتيش ولا عناء ﴿حمل بعير﴾ وهو بالكسر : قدر من المتاع مهيأ لأن يحمل على الظهر، وأما الحمل في البطن فبالفتح ﴿وأنا به زعيم﴾ أي ضامن وكفيل أوديه إليه، وإفراد الضمير تارة وجمعه أخرى دليل على أن القاتل واحد، وأنه نسب إلى الكل لرضاهم به، وفي الآية البيان عما يوجبه حال بهت الإنسان للتثبت في الأمر وترك الإسراع إلى ما لا يجوز من القول، فكأنه قيل : فما قال إخوة يوسف؟ قيل :﴿قالوا﴾ قول البريء ﴿تالله﴾ أي الملك اوعظم فأقسموا قسماً مقروناً بالتاء، لأنها يكون فيها التعجب غالباً، قال الرماني : لأنها لما كانت نادرة في أدوات القسم جعلت للنادر من المعاني، والنادر من المعاني يتعجب منه، وقال : إنها بدل من الواو، والواو بدل من الباء، فهي بدل من بدل، فلذلك ضعفت عن التصريف في سائر الأسماء، ثم أكدوا براءتهم بقولهم :﴿لقد علمتم﴾ أي بما جربتم من أمانتنا قبل هذا في كرتي مجيئنا ﴿ما جئنا﴾ وأكدوا النفي باللام فقالوا :﴿لنفسد﴾ أي نوقع الفساد ﴿في الأرض و﴾ لقد علمتم ﴿ما كنا﴾ أي بوجه من الوجوه ﴿سارقين﴾ أي موصوفين بهذا الوصف قط، بما رأيتم من أحوالنا : من ردنا بضاعتنا التي وجدناها في رحالنا وغير ذلك مما عاينتم من شرف فعالنا مع علمنا بأنها خَلق لنا لا تصنّع يظهر لبعض الأذكياء بأدنى تأمل، فكأنه قيل : فما قال الذين من جهة العزيز؟ قيل :﴿قالوا﴾ قول واثق بأنه في رحالهم :﴿فما جزاؤه﴾ أي الصواع ﴿إن كنتم كاذبين﴾ في تبرئكم من السرقة ؛ والجزاء : مقابلة العمل بما يستحق عليه من خير أو شر ﴿قالوا﴾ وثوقاً منهم بالبراءة وإخباراً بالحكم عندهم ﴿جزاؤه﴾ أي الصواع ﴿من ﴾.


الصفحة التالية
Icon