قال القاضي أبو محمد : وإنما تكون - على هذا - مصدرية، التقدير : من قبل تفريطكم في يوسف واقع أو مستقر، وبهذا المقدر يتعلق قوله :﴿ من قبل ﴾. ويصح أن يكون في موضع نصب عطفاً، على أن التقدير : وتعلموا تفريطكم أو تعلموا الذي فرطتم، فيصح - على هذا الوجه - أن يكون بمعنى الذي ويصح أن تكون مصدرية.
وقوله تعالى :﴿ فلن أبرح الأرض ﴾ أراد أرض القطر والموضع الذي ناله فيه المكروه المؤدي إلى سخط أبيه، والمقصد بهذا اللفظ التحريج على نفسه والتزام التضييق، كأنه سجن نفسه في ذلك القطر ليبلي عذراً.
وقوله :﴿ أو يحكم الله لي ﴾ لفظ عام بجميع ما يمكن أن يرده من القدر كالموت أو النصرة وبلوغ الأمل وغير ذلك، وقال أبو صالح : أو يحكم الله لي بالسيف. ونصب ﴿ يحكم ﴾ بالعطف على ﴿ يأذن ﴾، ويجوز أن تكون ﴿ أو ﴾ في هذا الموضع بمعنى إلا أن، كما تقول : لألزمنك أو تقضيني حقي، فتنصب على هذا ﴿ يحكم ﴾ ب ﴿ أو ﴾.
وروي أنهم لما وصلوا إلى يعقوب بكى وقال : يا بني ما تذهبون عني مرة إلا نقصتم : ذهبتم فنقصتم يوسف، ثم ذهبتم فنقصتم شمعون حيث ارتهن، ثم ذهبتم فنقصتم بنيامين وروبيل.
﴿ ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ ﴾
الأمر بالرجوع قيل : هو من قول كبيرهم، وقيل : بل هو من قول يوسف لهم، والأول أظهر.