قال الواحدي روي عن ابن كثير في طريق قنبل :﴿إِنَّهُ مِنَ يَتَّقِى﴾ بإثبات الياء في الحالين ووجهه أن يجعل "من" بمنزلة الذي فلا يوجب الجزم ويجوز على هذا الوجه أن يكون قوله :﴿وَيِصْبِرْ﴾ في موضع الرفع إلا أنه حذف الرفع طلباً للتخفيف كما يخفف في عضد وشمع والباقون بحذف الياء في الحالين.
﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آَثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ ﴾
اعلم أن يوسف عليه السلام لما ذكر لإخوته أن الله تعالى منَّ عليه وأن من يتق المعاصي ويصبر على أذى الناس فإنه لا يضيعه الله صدقوه فيه، واعترفوا له بالفضل والمزية ﴿قَالُواْ تالله لَقَدْ اثَرَكَ الله عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لخاطئين﴾ قال الأصمعي : يقال : آثرك إيثاراً، أي فضلك الله، وفلان آثر عبد فلان، إذا كان يؤثره بفضله وصلته، والمعنى : لقد فضلك الله علينا بالعلم والحلم والعقل والفضل والحسن والملك، واحتج بعضهم بهذه الآية على أن إخوته ما كانوا أنبياء، لأن جميع المناصب التي تكون مغايرة لمنصب النبوة كالعدم بالنسبة إليه فلو شاركوه في منصب النبوة لما قالوا :﴿تالله لَقَدْ اثَرَكَ الله عَلَيْنَا﴾ وبهذا التقدير يذهب سؤال من يقول لعل المراد كونه زائداً عليهم في الملك وأحوال الدنيا وإن شاركوه في النبوة لأنا بينا أن أحوال الدنيا لا يعبأ بها في جنب منصب النبوة.


الصفحة التالية
Icon