البحث الأول : قال السدي إنه قال : هذا القول قبل دخولهم مصر ؛ لأنه كان قد استقبلهم وهذا هو الذي قررناه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : المراد بقوله :﴿ادخلوا مِصْرَ﴾ أي أقيموا بها آمنين، سمى الإقامة دخولاً لاقتران أحدهما بالآخر.
البحث الثاني : الاستثناء وهو قول :﴿إِن شَاء الله﴾ فيه قولان : الأول : أنه عائد إلى الأمن لا إلى الدخول، والمعنى : ادخلوا مصر آمنين إن شاء الله، ونظيره قوله تعالى :﴿لَتَدْخُلُنَّ المسجد الحرام إِن شَاء الله ءامِنِينَ﴾ [ الفتح : ٢٧ ] وقيل إنه عائد إلى الدخول على القول الذي ذكرناه إنه قال لهم هذا الكلام قبل أن دخلوا مصر.
البحث الثالث : معنى قوله :﴿ءامِنِينَ﴾ يعني على أنفسكم وأموالكم وأهليكم لا تخافون أحداً، وكانوا فيما سلف يخافون ملوك مصر وقيل آمنين من القحط والشدة والفاقة، وقيل آمنين من أن يضرهم يوسف بالجرم السالف.
أما قوله :﴿وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العرش﴾ قال أهل اللغة : العرش السرير الرفيع قال تعالى :
﴿وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [ النمل : ٢٣ ] والمراد بالعرش ههنا السرير الذي كان يجلس عليه يوسف، وأما قوله :﴿وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا﴾ ففيه إشكال، وذلك لأن يعقوب عليه السلام كان أبا يوسف وحق الأبوة عظيم قال تعالى :﴿وقضى رَبُّكَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إياه وبالوالدين إحسانا﴾ [ الإسراء : ٢٣ ] فقرن حق الوالدين بحق نفسه، وأيضاً أنه كان شيخاً، والشاب يجب عليه تعظيم الشيخ.
والقول الثالث : أنه كان من أكابر الأنبياء ويوسف وإن كان نبياً إلا أن يعقوب كان أعلى حالاً منه.
والقول الرابع : أن جد يعقوب واجتهاده في تكثير الطاعات أكثر من جد يوسف ولما اجتمعت هذه الجهات الكثيرة فهذا يوجب أن يبالغ يوسف في خدمة يعقوب فكيف استجاز يوسف أن يسجد له يعقوب هذا تقرير السؤال.
والجواب عنه من وجوه :