وروي عن أنس بن مالك أنهم قالوا : يا أبانا إِنْ عفا الله عنا، وإِلا فلا قُرَّة عين لنا في الدنيا، فدعا يعقوبُ وأمَّن يوسف، فلم يُجب فيهم عشرين سنة، ثم جاء جبريل فقال : إِن الله قد أجاب دعوتك في ولدك، وعفا عما صنعوا به، واعتقد مواثيقهم من بَعْدُ على النبوَّة.
قال المفسرون : وكان يوسف قد بعث مع البشير إِلى يعقوب جَهازاً ومائتي راحلة، وسأله أن يأتيه بأهله وولده.
فلما ارتحل يعقوب ودنا من مصر، استأذن يوسف الملِك الذي فوقه في تلقِّي يعقوب، فأذن له، وأمر الملأ من أصحابه بالركوب معه، فخرج في أربعة آلاف من الجند، وخرج معهم أهل مصر.
وقيل : إِن الملك خرج معهم أيضاً.
فلما التقى يعقوب ويوسف، بكيا جميعاً، فقال يوسف : يا أبت بكيتَ عليَّ حتى ذهب بصرك، أما علمتَ أن القيامة تجمعني وإِياك؟ قال : أي بني، خشيت أن تسلب دينك فلا نجتمع.
وقيل : إِن يعقوب ابتدأه بالسلام، فقال السلام عليكم يا مذهب الأحزان.
قوله تعالى :﴿ فلما دخلوا على يوسف ﴾ يعني : يعقوب وولده.
وفي هذا الدخول قولان :
أحدهما : أنه دخول أرض مصر، ثم قال لهم :﴿ ادخلوا مصر ﴾ يعني البلد.
والثاني : أنه دخول مصر، ثم قال لهم :"ادخلوا مصر" أي : استوطنوها.
وفي قوله :﴿ آوى إِليه أبويه ﴾ قولان :
أحدهما : أبوه وخالته، لأن أمه كانت قد ماتت، قاله ابن عباس والجمهور.
والثاني : أبوه وأمه، قاله الحسن، وابن إِسحاق.
وفي قوله :﴿ إِن شاء الله آمنين ﴾ أربعة أقوال.
أحدها : أن في الكلام تقديماً وتأخيراً، فالمعنى : سوف أستغفر لكم ربي إِن شاء الله، إِنه هو الغفور الرحيم، هذا قول ابن جريج.
والثاني : أن الاستثناء يعود إِلى الأمن.
ثم فيه قولان.
أحدهما : أنه لم يثق بانصراف الحوادث عنهم.
والثاني : أن الناس كانوا فيما خلا يخافون ملوك مصر، فلا يدخلون إِلا بجوارهم.