وقال ابن عطية :
﴿ وَكَأَيِّنْ مِنْ آَيَةٍ﴾
وقرأت الجماعة " وكأيّن " بهمز الألف وشد الياء، قال سيبويه : هي كاف التشبيه اتصلت بأي، ومعناها معنى كم في التكثير. وقرأ ابن كثير " وكائن " بمد الألف وهمز الياء، وهو من اسم الفاعل من كان، فهو كائن ولكن معناه معنى كم أيضاً. وقد تقدم استعاب القراءات في هذه الكلمة في قوله :﴿ وكأين من نبي قتل ﴾ [ آل عمران : ١٤٦ ].
وال ﴿ آيه ﴾ هنا المخلوقات المنصوبة للاعتبار والحوادث الدالة على الله سبحانه في مصنوعاته، ومعنى ﴿ يمرون عليها ﴾ الآية - أي إذا جاء منها ما يحس أو يعلم في الجملة لم يتعظ الكافر به، ولا تأمله ولا أعتبر به بحسب شهواته وعمهه، فهو لذلك كالمعرض، ونحو هذا المعنى قول الشاعر :[ الطويل ]
تمر الصبا صفحاً بساكن ذي الغضا... ويصدع قلبي أن يهب هبوبها
وقرأ السدي " والأرضَ " بالنصب بإضمار فعل، والوقف - على هذا - في ﴿ السماوات ﴾ وقرأ عكرمة وعمرو بن فائد " والأرضُ " بالرفع على الابتداء، والخبر قوله :﴿ يمرون ﴾ وعلى القراءة بخفض " الأرضِ " ف ﴿ يمرون ﴾ نعت الآية. وفي مصحف عبد الله :" والأرض يمشون عليها ". وقوله :﴿ وما يؤمن أكثرهم ﴾ الآية، قال ابن عباس : هي في أهل الكتاب الذين يؤمنون بالله ثم يشركون من حيث كفروا بنبيه، أو من حيث قالوا عزير ابن الله، والمسيح ابن الله. وقال عكرمة ومجاهد وقتادة وابن زيد هي في كفار العرب، وإيمانهم هو إقرارهم بالخالق والرازق والمميت، فسماه إيماناً وإن أعقبه إشراكهم بالأوثان والأصنام -فهذا الإيمان لغوي فقط من حيث هو تصديقها. وقيل : هذه الآية نزلت بسبب قول قريش في الطواف والتلبية : لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك. وروي أن النبي ﷺ كان إذا سمع أحدهم يقول : لبيك لا شريك لك، يقول له : قط قط، أي قف هنا ولا تزد : إلا شريك هو لك.


الصفحة التالية
Icon