وفي آية أخرى :"وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاء عَرِيضٍ".
وقيل : معناها أنهم يدعون الله ينجيهم من الهَلَكة، فإذا أنجاهم قال قائلهم : لولا فلان ما نجونا، ولولا الكلب لدخل علينا اللّص، ونحو هذا ؛ فيجعلون نعمة الله منسوبة إلى فلان، ووقايته منسوبة إلى الكلب.
قلت : وقد يقع في هذا القول والذي قبله كثير من عوامّ المسلمين ؛ ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
وقيل : نزلت هذه الآية في قصة الدُّخَان ؛ وذلك أن أهل مكة لما غشيهم الدُّخَان في سنيّ القَحْط قالوا :﴿ رَّبَّنَا اكشف عَنَّا العذاب إِنَّا مْؤْمِنُونَ ﴾ [ الدخان : ١٢ ] فذلك إيمانهم، وشركهُم عودُهم إلى الكفر بعد كشف العذاب ؛ بيانه قوله :﴿ إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ ﴾ [ الدخان : ١٥ ] والعود لا يكون إلا بعد ابتداء ؛ فيكون معنى :"إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ" أي إلا وهم عائدون ( إلى الشرك )، والله أعلم.
قوله تعالى :﴿ أفأمنوا أَن تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِّنْ عَذَابِ الله ﴾ قال ابن عباس : مُجلّلة.
وقال مجاهد : عذاب يغشاهم ؛ نظيره.
﴿ يَوْمَ يَغْشَاهُمُ العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ٥٥ ].
وقال قَتَادة : وقِيعة تقع لهم.
وقال الضحّاك : يعني الصَّواعِق والقَوَارِع.
﴿ أَوْ تَأْتِيَهُمُ الساعة ﴾ يعني القيامة.
﴿ بَغْتَةً ﴾ نصب على الحال ؛ وأصله المصدر.
وقال المبرد : جاء عن العرب حال بعد نكرة ؛ وهو قولهم : وقع أمر بغتة وفجأة ؛ قال النحاس : ومعنى :"بَغْتَةً" إصابة من حيث لم يتوقّع.
﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ وهو توكيد.
وقوله :"بَغْتَةً" قال ابن عباس : تَصيح الصيحة بالناس وهم في أسواقهم ومواضعهم، كما قال :﴿ تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ﴾ [ ياس : ٤٩ ] على ما يأتي. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٩ صـ ﴾