ولما كان الموضع في غاية الشرف، أكد الضمير المستتر تعييناً وتنبيهاً على التأهل لظهور الإمامة، فقال :﴿أنا ومن﴾ أي ويدعو كذلك من ﴿اتبعني﴾ لا كمن هو على عمى جائر عن القصد، حائر في ضلال التقليد، فهو لا يزال في غفلة هدفاً للحتوف ؛ والاتباع : طلب الثاني اللحاق بالأول للموافقة في مكانه أو في أمره الذي دعا إليه، ومما دخل تحت ﴿قل﴾ عطفاً على ﴿أدعوا﴾ قوله : منبهاً على أن شرط كل دعوة إليه سبحانه اقترانها بتنزيهه عن كل شائبة نقص - ﴿وسبحان الله﴾ أي وأسبح الذي اختص بصفات الكمال سبحاناً، أي أقدره حق قدره فأثبت له من صفات الكمال ما يليق بجلاله، وأنزهه عما هو متعال عنه تنزيهاً يعلم هم أنه يليق بجلالة ويرضى به، وفي تخصيص الله بذلك عقب ما أثبت له ولأتباعه تلويح بنسبة النقص إليهم تواضعاً، اعتذاراً عما يلحقهم من الوهن وطلباً للعفو عنه ﴿وما أنا﴾ وعدل عن " مشركاً " إلى أبلغ منه فقال :﴿من المشركين﴾ أي في عداد من يشرك به شيئاً بوجه من الوجوه، لأني علمت بما آتاني من البصيرة أنه منعوت بنعوت الكمال، منزه عن سمات النقص، متعال عنها، وأن ذلك أول واجب لأنه الواحد الذي جل عن المجانسة، القهار الذي كل شيء تحت مشيئته، وفسرت ﴿سبحان﴾ بما تقدم لأن مادة " سبح " بكل ترتيب تدور على القدر والشدة والاتساع ؛ وتارة يقتصر فيه على الكفاية ومنه الحسب : مقدار الشيء.