وذلك إلى الأمثال المصورة تتمثل في مشاهد حية حافلة بالحركة والانفعال. إلى مشاهد القيامة، وصور النعيم والعذاب، وخلجات الأنفس في هذا وذاك. إلى وقفات على مصارع الغابرين، وتأملات في سير الراحلين، وفي سنة الله التي مشت عليهم فإذا هم داثرون..
هذا عن موضوعات السورة وقضاياها، وعن آفاقها الكونية وآمادها.. ووراءها خصائص الأداء الفنية العجيبة. فالإطار العام الذي تعرض فيه قضاياها هو الكون كما أسلفنا ومشاهده وعجائبه في النفس وفي الآفاق. وهذا الإطار ذو جو خاص:
إنه جو المشاهد الطبيعية المتقابلة: من سماء وأرض. وشمس وقمر. وليل ونهار. وشخوص وظلال. وجبال راسية وأنهار جارية. وزبد ذاهب وماء باق. وقطع من الأرض متجاورات مختلفات. ونخيل صنوان وغير صنوان.. ومن ثم تطرد هذه التقابلات في كل المعاني وكل الحركات وكل المصائر في السورة، فيتناسق التقابل المعنوي في السورة مع التقابلات الحسية، وتنسق في الجو العام.. ومن ثم يتقابل الاستعلاء في الاستواء على العرش مع تسخير الشمس والقمر. ويتقابل ما تغيض الأرحام مع ما تزداد. ويتقابل من أسر القول مع من جهر به. ومن هو مستخف بالليل مع من هو سارب بالنهار. ويتقابل الخوف مع الطمع تجاه البرق. ويتقابل تسبيح الرعد حمدا مع تسبيح الملائكة خوفا. وتتقابل دعوة الحق لله مع دعوة الباطل
للشركاء. ويتقابل من يعلم مع من هو أعمى.
ويتقابل الذين يفرحون من أهل الكتاب بالقرآن مع من ينكر بعضه. ويتقابل المحو مع الإثبات في الكتاب.. وبالإجمال تتقابل المعاني، وتتقابل الحركات، وتتقابل الاتجاهات.. تنسيقا للجو العام في الأداء !