ولكبير أهمية مقادير العناصر ذكرها اللّه سبحانه في قوله الجليل (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) الآيتين ٢١ و٢٢ من سورة الحجر في ج ٢ إذ لو زاد أو كسجين أهواء لهاجت النّفوس واضطربت أو زاد نتروجينه لاعتراها الموت، فالحكمة الإلهية جعلته مزيجا منها على قدر معين محدود بحيث تلطفت حرارة الأوّل ببرودة الثاني، فتأمل معجزات القرآن العظيم وانظر هل كان إبان نزوله من يعرف هذا غير منزله ؟ وهناك معجزات أخرى لم تختمر بعد في العقول لتظهر للملأ وصدق اللّه في قوله العزيز (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْ ءٍ) الآية ٣٨ من الأنعام في ج ٢ وفي كلّ ما جاء عنه في كتبه وعلى لسان رسله ورحم اللّه الأبوصيري حيث يقول :
آيات حق من الرّحمن محدثة قديمة صفة الموصوف بالقدم
فلا تعد ولا تحصى عجائبها ولا تسام على الإكثار بالسام
وإذا أردت أن تقف على الموزونات راجع الآيتين المذكورتين آنفا في سورة الحجر قال تعالى "سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ" عند اللّه لا فرق بينهما لديه "وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ" (١٠) ذاهب على وجه الأرض، والسّرب بفتح السّين وسكون الرّاء هو الماشية كلها والطّريق وبالكسر لقطيع من النّساء والظّباء وبفتحتين الحفرة تحت الأرض والقناة وجاء في الحديث (آمنا في سربك) أي أهلك، والمعنى أن كلّ ذلك عند اللّه سواء لا يختلف عنده حال عن حال فالسر والعلانية والخفاء والظّهور عنده سواسية


الصفحة التالية
Icon