أنت على المدر أي المدن ؟ قال لا، قال فما تجعل لي ؟ قال أجعل لك أعنة الخيل تغزو عليها، قال أو ليس ذلك لي اليوم، قم معي أكلمك، فقام معه صلّى اللّه عليه وسلم لانه كبير قومه وأوعز إلى رفيقه زيد (أو أريد أخي لبيد) إني إذا كلمته قدر خلفه واضربه بالسّيف، فجعل عامر يخاصم الرّسول ويراجعه، فجاء زيد أو أربد واخترط السّيف ليضربه فلم ينسل، فالتفت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فرآه ماسكا قبضة السيف ومسلول منه قدر شبر، فقال اللّهم اكفتيهما بما شئت، فأرسل اللّه صاعقة على زيد في يوم صحر فأحرقته، وهرب عامر وهو يقول واللّه لأملأنها عليك خيلا ورجالا لأنك دعوت ربك فقتل صاحبي زيدا، فقال اللّه يمنعني فخرج خراج أصل أذن عامر وهو في بيت امرأة سلولية وصارت له غدة كغدة البعير، ركب جواده وجعل يركض في الصّحراء، ومات على ظهره.
وهذه معجزتان صلّى اللّه عليه وسلم وأنزل اللّه (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ) إلى السّجدة الآتية قال تعالى "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ" من النّعم والعافية التي أنعم بها على هذين الخبيثين وغيرهم لأن المعنى عام وخصوص السّبب لا يقيده ولا يخصصه "حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ" من النية والعمل الحسن إلى النّية السّيئة والعمل القبيح فيبدل اللّه نعمهم نقما وصحتهم سقما وخيرهم شرا وتوفيقهم خذلانا وكثرتهم قلة وخصبهم جدبا وعزهم ورياستهم ذلا ومهانة كما فعل بعامر ورفيقه زيد الّذين أرادا أن يمكرا بحضرة الرسول ويغدرا به فحنظه اللّه وأهلكهما أي أن اللّه تعالى لا يزال مديما نعمه عباده حتى يتسببوا لانقطاعها "وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً" من الأسواء فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ" (١١) بلي أمرهم غيره.
مطلب في البرق والصّواعق والتسبيح والسجود والفوق بين العالم والجاهل :