﴿ لَهُ دَعْوَةُ الحق ﴾ قيل : هي لا إله إلا الله، والمعنى أن دعوة العباد بالحق لله ودعوتهم بالباطل لغيره ﴿ والذين يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ ﴾ يعني بالذين : ما عبدوا من دون الله من الأصنام وغيرهم، والضمير في يدعون للكفار، والمعنى أن المعبودين لا يستجيبون لمن عبدهم ﴿ إِلاَّ كباسط كَفَّيْهِ إِلَى المآء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ ببالغه ﴾ شبَّه إجابة الأصنام لمن عبدهم بإجابة الماء لمن بسط إليه كفيه، وأشار إليه بالإقبال إلى فيه، ولا يبلغ فمه على هذا أبداً ؛ لأن الماء جماد لا يعقل المراد، فكذلك الأصنام، والضمير في قوله : وما هو الماء، وفي ببالغة للفم.
﴿ وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السموات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً ﴾ من لا تقع إلا على من يعقل، فهي هنا يراد بها الملائكة والإنس والجن، فإذا جعلنا السجود بمعنى الانقياد لأمر الله وقضائه ؛ فهو عام في الجميع : من شاء منهم ومن أبى، ويكون طوعاً لمن أسلم وكرها لمن كره وسخط، وإن جعلنا السجود هو المعروف بالجسد، فيكون لسجود الملائكة والمؤمنين من الإنس والجن طوعاً، وأما الكره فهو سجود المنافق وسجود ظل الكافر ﴿ وظلالهم ﴾ معطوف على من والمعنى أن الظلال تسجد غدوة وعشية، وسجودها انقيادها للتصرف بمشيئة الله سبحانه وتعالى ﴿ قُلِ الله ﴾ جواب عن السؤال المتقدم، وهو من رب السموات والأرض، وإنما جاء الجواب والسؤال من جهة واحدة، لأنه أمر واضح لا يمكن جحده ولا المخالفة فيه، ولذلك أقام به الحجة على المشركين بقوله :﴿ أفاتخذتم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾.