وقوله :﴿ في النار ﴾ متعلق بمحذوف تقديره : كائناً أو ثابتاً - كذا قال مكي وغيره - ومنعوا أن يتعلق بقوله :﴿ توقدون ﴾ لأنهم زعموا : ليس يوقد على شيء إلا وهو ﴿ في النار ﴾ وتعليق حرف الجر ب ﴿ توقدون ﴾ يتضمن تخصيص حال من حال أخرى. وذهب أبو علي الفارسي إلى تعلقها ب ﴿ توقدون ﴾ وقال : قد يوقد على شيء وليس في النار كقوله تعالى :﴿ فأوقد لي يا هامان على الطين ﴾ [ القصص : ٣٨ ] فذلك البناء الذي أمر به يوقد عليه وليس في النار لكن يصيبه لهبها.
وقوله :﴿ جفاء ﴾ مصدر من قولهم : أجفأت القدر إذا غلت حتى خرج زبدها وذهب.
وقرأ رؤبة :" جفالاً " من قولهم : جفلت الريح السحاب، إذا حملته وفرقته. قال أبو حاتم : لا تعتبر قراءة الأعراب في القرآن.
وقوله :﴿ ما ينفع الناس ﴾ يريد الخالص من الماء ومن تلك الأحجار، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم - في رواية أبي بكر، وأبو جعفر والأعرج وشيبة والحسن :" توقدون " بالتاء، أي أنتم أيها الموقدون، وهي صفة لجميع أنواع الناس، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم وابن محيصن ومجاهد وطلحة ويحيى وأهل الكوفة :" يوقدون " بالياء، على الإشارة إلى الناس، و﴿ جفاء ﴾ مصدر في موضع الحال.
قال القاضي أبو محمد : وروي عن ابن عباس أنه قال : قوله تعالى :﴿ أنزل من السماء ماء ﴾ يريد به الشرع والدين. وقوله :﴿ فسالت أودية ﴾ : يريد به القلوب، أي أخذ النبيل بحظه. والبليد بحظه.