وقال الخطابي : هي التي تمسك الماء ولم يسرع فيه النضوب وفي رواية الهروي أخاذات بالخاء المعجمة والذال المعجمة جمع آخاذة وهي الغدير الذي يمسك الماء، وقوله : ورعوا كذا هو في صحيح مسلم من الرعي، ووقع في صحيح البخاري وزرعوا بزيادة زاي من الزرع والقيعان بكسر القاف جمع قاع وهو المستوي من الأرض، وقوله : فذلك مثل من فقه في دين الله يروى بضم القاف وهو المشهور وروي بكسرها ومعناه فهم الأحكام وأما معنى الحديث ومقصوده فهو أن النبي ( ﷺ ) ضرب مثلاً لما جاء به من الهدى، والعلم بالأرض التي أصابها المطر.
قال العلماء : والأرض ثلاثة أنواع وكذلك الناس لأنهم منها خلقوا، فالنوع الأول من أنواع الأرض الطيبة التي تنتفع بالمطر فتنبت به العشب فينتفع الناس به والدواب بالشرب والرعي وغير ذلك وكذلك النوع الأول من الناس من يبلغه الهدى من غير ذلك من العلم فيحيا به قلبه ويحفظه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع به وينفع غيره.
قال مسروق : صحبت أصحاب رسول الله ( ﷺ ) فوجدتهم كالأخاذات لأن قلوبهم كانت واعية فصارت أوعية للعلوم بما رزقت من صفاء الفهوم.
النوع الثاني من أنواع الأرض : أرض لا تقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة لغيرها، وهي إمساك الماء لغيرها لينتفع به الناس والدواب وكذا النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة، لكن ليس لهم أفهام ثاقبة فيبقى ما عندهم من العلم حتى يجيء المحتاج إليه المتعطش لما عندهم من العلم فيأخذه منهم فينتفع به هو وغيره، النوع الثالث : من أنواع الأرض أرض سبخة لا تنبت مرعى ولا تمسك ماء كذلك النوع الثالث من الناس ليس لهم قلوبه حافظة، ولا أفهام ثاقبة فإذا بلغهم شيء من العلم لا ينتفعون به في أنفسهم ولا ينفعون غيرهم والله وأعلم.