﴿ والذين يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾ ظاهره شمول كل ما أمر الله بصلته، ونهى عن قطعه من حقوق الله وحقوق عباده، ويدخل تحت ذلك صلة الأرحام دخولاً أوّلياً، وقد قصره كثير من المفسرين على صلة الرحم، واللفظ أوسع من ذلك ﴿ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ﴾ خشية تحملهم على فعل ما وجب، واجتناب ما لا يحلّ ﴿ وَيَخَافُونَ سُوء الحِسَابِ ﴾ وهو الاستقصاء فيه والمناقشة للعبد، فمن نوقش الحساب عذب، ومن حق هذه الخيفة أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا.
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابتغاء وَجْهِ رَبّهِمْ ﴾ قيل : هو كلام مستأنف، وقيل : معطوف على ما قبله، والتعبير عنه بلفظ المضيّ للتنبيه على أنه ينبغي تحققه، والمراد بالصبر الصبر على الإتيان بما أمر الله به، واجتناب ما نهى عنه.
وقيل : على الرزايا والمصائب، ومعنى كون ذلك الصبر لابتغاء وجه الله : أن يكون خالصاً له، لا شائبة فيه لغيره ﴿ وأقاموا الصلاة ﴾ أي : فعلوها في أوقاتها على ما شرعه الله سبحانه في أذكارها وأركانها مع الخشوع والإخلاص، والمراد بها الصلوات المفروضة، وقيل أعمّ من ذلك ﴿ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ ﴾ أي : أنفقوا بعض ما رزقناهم، والمراد بالسرّ : صدقة النفل، والعلانية : صدقة الفرض ؛ وقيل : السرّ لمن لم يعرف بالمال، أو لا يتهم بترك الزكاة، والعلانية لمن كان يعرف بالمال أو يتهم بترك الزكاة ﴿ وَيَدْرَءونَ بالحسنة السيئة ﴾ أي : يدفعون سيئة من أساء إليهم بالإحسان إليه كما في قوله تعالى :