﴿ ادفع بالتى هِىَ أَحْسَنُ ﴾ [ فصلت : ٣٤ ]، أو يدفعون بالعمل الصالح العمل السيء، أو يدفعون الشرّ بالخير، أو المنكر بالمعروف، أو الظلم بالعفو، أو الذنب بالتوبة، ولا مانع من حمل الآية على جميع هذه الأمور، والإشارة بقوله :﴿ أولئك ﴾ إلى الموصوفين بالصفات المتقدّمة ﴿ لَهُمْ عقبى الدار ﴾ العقبى مصدر كالعاقبة ؛ والمراد بالدار الدنيا، وعقباها الجنة ؛ وقيل : المراد بالدار الدار الآخرة، وعقباها الجنة للمطيعين، والنار للعصاة.
﴿ جنات عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا ﴾ بدل من عقبى الدار أي : لهم جنات عدن، ويجوز أن يكون مبتدأ، وخبره يدخلونها، والعدن أصله الإقامة، ثم صار علماً لجنة من الجنان.
قال القشيري : وجنات عدن : وسط الجنة وقصبتها وسقفها عرش الرحمن، ولكن في صحيح البخاري وغيره :" إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة "
﴿ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ ءابَائِهِمْ ﴾ يشمل الآباء والأمهات ﴿ وأزواجهم وذرياتهم ﴾ معطوف على الضمير في يدخلون، وجاز ذلك للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه، أي : ويدخلها أزواجهم وذرياتهم، وذكر الصلاح دليل على أنه لا يدخل الجنة إلاّ من كان كذلك من قرابات أولئك، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء أو الأزواج، أو الذرية بدون صلاح ﴿ والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مّن كُلّ بَابٍ ﴾ أي : من جميع أبواب المنازل التي يسكنونها، أو المراد من كل باب من أبواب التحف والهدايا من الله سبحانه.


الصفحة التالية
Icon