﴿ سلام عَلَيْكُمُ ﴾ أي : قائلين سلام عليكم أي : سلمتم من الآفات أو دامت لكم السلامة ﴿ بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ أي بسبب صبركم وهو متعلق بالسلام أي : إنما حصلت لكم هذه السلامة بواسطة صبركم أو متعلق بعليكم، أو بمحذوف أي : هذه الكرامة بسبب صبركم أو بدل ما احتملتم من مشاقّ الصبر ﴿ فَنِعْمَ عقبى الدار ﴾ جاء سبحانه بهذه الجملة المتضمنة لمدح ما أعطاهم من عقبى الدار المتقدّم ذكرها للترغيب والتشويق.
ثم اتبع أحوال السعداء بأحوال الأشقياء، فقال :﴿ والذين يَنقُضُونَ عَهْدَ الله مِن بَعْدِ ميثاقه وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾ وقد مرّ تفسير عدم النقض وعدم القطع فعرف منهما تفسير النقض والقطع، ولم يتعرض لنفي الخشية والخوف عنهم وما بعدهما من الأوصاف المتقدّمة لدخولها في النقض والقطع ﴿ وَيُفْسِدُونَ فِى الأرض ﴾ بالكفر وارتكاب المعاصي والأضرار بالأنفس والأموال ﴿ أولئك ﴾ الموصوفون بهذه الصفات الذميمة ﴿ لَهُمْ ﴾ بسبب ذلك ﴿ اللعنة ﴾ : أي : الطرد والإبعاد من رحمة الله سبحانه ﴿ وَلَهُمْ سُوء الدار ﴾ أي : سوء عاقبة دار الدنيا، وهي النار أو عذاب النار.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن قتادة في قوله تعالى :﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ الحق ﴾ قال : هؤلاء قوم انتفعوا بما سمعوا من كتاب الله وعقلوه ووعوه ﴿ كَمَنْ هُوَ أعمى ﴾ قال : عن الحق فلا يبصره ولا يعقله ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب ﴾ فبين من هم، فقال :﴿ الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ﴿ أولوا الألباب ﴾ قال : من كان له لبّ، أي : عقل.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن قتادة أن الله ذكر الوفاء بالعهد والميثاق في بضع وعشرين آية من القرآن.