وقال ابن عطية :
قوله :﴿ أفمن يعلم ﴾
استفهام بمعنى التقرير، والمعنى : أسواء من هداه الله فعلم صدق نبوتك وآمن بك، ومن لم يهتد ولا رزق بصيرة فبقي على كفره، فمثل عز وجل ذلك بالعمى.
وروي أن هذه الآية نزلت في حمزة بن عبد المطلب وأبي جهل بن هشام، وقيل : في عمار بن ياسر وأبي جهل بن هشام، وهي بعد هذا مثال في جميع العالم.
و﴿ إنما ﴾ في هذه الآية حاصرة، أي ﴿ إنما يتذكر ﴾ فيؤمن ويراقب الله من له لب وتحصيل.
ثم أخذ تعالى في وصف هؤلاء الذين يسرهم للإيمان فقال :﴿ الذين يوفون بعهد الله ﴾ وقوله :﴿ بعهد الله ﴾ : اسم للجنس، أي بجميع عهود الله وهي أوامره ونواهيه التي وصى بها عبيدة، ويدخل في هذه الألفاظ التزام جميع الفروض وتجنب جميع المعاصي.
وقوله :﴿ ولا ينقضون الميثاق ﴾ يحتمل أن يريد به جنس المواثيق أي إذا اعتقدوا في طاعة الله عهداً لم ينقضوه. قال قتادة : وتقدم الله إلىعباده في نقض الميثاق ونهى عنه في بضع وعشرين آية ويحتمل أن يشير إلى ميثاق معين وهو الذي أخذه الله على عباده وقت مسحه على ظهر أبيهم آدم عليه السلام.
ووصل ما أمر الله به أن يوصل : ظاهره في القرابات وهو مع ذلك يتناول جميع الطاعات. و﴿ سوء الحساب ﴾ هو أن يتقصى ولا تقع فيه مسامحة ولا تغمد.
﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ ﴾
" الصبر لوجه الله " يدخل في الرزايا والأسقام والعبادات وعن الشهوات ونحو ذلك.