ويحتمل رابعاً : أن يصلوا الإيمان بالعمل الصالح ؛ "وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ" فيما أمرهم بوصله، "وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ" في تركه ؛ والقول الأول يتناول هذه الأقوال كما ذكرنا، وبالله توفيقنا.
قوله تعالى :﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابتغاء وَجْهِ رَبِّهِمْ ﴾ قيل :"الَّذِينَ" مستأنف ؛ لأن "صَبَرُوا" ماض فلا ينعطف على "يُوفونَ".
وقيل : هو من وصف مَن تقدّم، ويجوز الوصف تارة بلفظ الماضي، وتارة بلفظ المستقبل ؛ لأن المعنى من يفعل كذا فله كذا ؛ ولما كان "الَّذِينَ" يتضمن الشرط ( و ) الماضي في الشرط كالمستقبل جاز ذلك ؛ ولهذا قال :"الَّذِينَ يُوفُونَ" ثم قال :"وَالَّذِينَ صَبَرُوا" ثم عطف عليه فقال :"وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةِ" قال ابن زيد : صبروا على طاعة الله، وصبروا عن معصية الله.
وقال عطاء : صبروا على الرزايا والمصائب، والحوادث والنوائب.
وقال أبو عِمْران الْجَوْني : صبروا على دينهم ابتغاء وجه الله.
﴿ وَأَقَامُواْ الصلاة ﴾ أدّوها بفروضها وخشوعها في مواقيتها.
﴿ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً ﴾ يعني الزكاة المفروضة ؛ عن ابن عباس، وقد مضى القول في هذا في "البقرة" وغيرها.
﴿ وَيَدْرَءُونَ بالحسنة السيئة ﴾ أي يدفعون بالعمل الصالح السَّيىء من الأعمال، قاله ابن عباس.
ابن زيد : يدفعون الشر بالخير.
سعيد بن جُبير : يدفعون المنكر بالمعروف.
الضّحاك : يدفعون الفحش بالسلام.
جُوَيبِر : يدفعون الظلم بالعفو.
ابن شجرة : يدفعون الذنب بالتوبة.
القُتَبي : يدفعون سفه الجاهل بالحلم ؛ فالسّفه السّيئة، والحلم الحسنة.
وقيل : إذا هموا بسيئة رجعوا عنها واستغفروا.


الصفحة التالية
Icon