وقال الثعالبى :
قوله سبحانه :﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق كَمَنْ هُوَ أعمى... ﴾
المعنى : أسواءٌ مَنْ هداه اللَّه، فَعَلِمَ صدْقَ نبوَّتك، وآمن بك ؛ كمن هو أعمَى البصيرةِ باقٍ على كُفْره ؛ روي أنَّ هذه الآية نزلَتْ في حمزةَ بْنِ عَبْدِ المطَّلب، وأَبِي جَهْل، وهي بَعْدَ هذا مثَالٌ في جميع العالم، ﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الألباب ﴾ :«إِنما» ؛ في هذه الآية : حاصرة، أي : إِنما يتذكَّر، فيؤمن ويراقب اللَّه مَنْ له لُبٌّ، ثم أخذ في وصفهم، فقال :﴿ الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله... ﴾ الآية : قال الثعلبيُّ : قال عبد اللَّهِ بنُ المبارَكِ : هذه ثمانِ خِلاَلٍ مسيِّرةٌ إِلى ثمانيةِ أبوابِ الجنةِ، وقال أبو بَكْرٍ الوَرَّاقُ : هذه ثمانِ جُسُورٍ، فمن أراد القربة مِنَ اللَّه عَبَرَهَا. انتهى. وباقي الآية ألفاظها واضحَة، وأنوارها لِذَوِي البصائر لائحَةْ.
﴿ وَيَدْرَءُونَ ﴾ : يدفعون.
قال الغَزَالِيُّ : لما ذَكَرَ هذه الآيةَ : والذي آثر غُرُورَ الدنيا على نعيمِ الآخرةِ، فَلَيْسَ من ذوي الأَلْبَابِ، ولذلك لا تَنْكَشِفُ له أَسْرارُ الكتاب، انتهى.
و﴿ جنات ﴾ : بدل من ﴿ عُقْبَى ﴾ وتفسيرٌ لها، و ﴿ عَدْنٍ ﴾ : هي مدينةُ الجَنَّة ووَسَطُها، ومعناها : جنَّات الإِقامة ؛ مِنْ عَدَنَ في المَكَانِ، إِذا أقام فيه طويلاً، ومنه المَعَادِنُ، و ﴿ جنات عَدْنٍ ﴾ : يقال : هي مَسْكن الأنبياءِ والشُّهَداء والعُلَماء فَقَطْ ؛ قاله عبد اللَّه بن عمرو بن العاصي، ويروَى أَنَّ لها خَمْسَةَ آلافِ باب، وقوله :﴿ وَمَن صَلَحَ ﴾ : أي : عمل صالحاً، ﴿ والملائكة يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ * سلام عَلَيْكُم ﴾ : أي : يقولون : سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ، والمعنى : هذا بما صَبَرْتُم، وباقي الآية واضحٌ. أ هـ ﴿الجواهر الحسان حـ ٢ صـ ﴾