وقال أبو السعود :
﴿ أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ ﴾
من القرآن الذي مُثّل بالماء المنزل من السماء والإبريز الخالصِ في المنفعة والجدوى ﴿ الحق ﴾ الذي لا حق وراءه أو الحقُّ الذي أشير إليه بالأمثال المضروبة فيستجيبَ له ﴿ كَمَنْ هُوَ أعمى ﴾ عمَى القلبِ لا يشاهده وهو نارٌ على علَمٍ ولا يقدر قدرَه وهو في أقصى مراتب العلوِّ والعِظَم فيبقى حائراً في ظلمات الجهلِ وغياهبِ الضلال أو لا يتذكر بما ضرب من الأمثال أي كمن لا يعلم ذلك إلا أنه أريد زيادةُ تقبيحِ حالِه فعبر عنه بالأعمى، وإيرادُ الفاء بعد الهمزةِ لتوجيه الإنكار إلى ترتيب توهمِ المماثلةِ على ظهور حال كلَ منهما بما ضُرب من الأمثال وبين المصيرِ والمآل، كأنه قيل : أبعد ما بُين حالُ كل من الفريقين ومآلُهما يُتوهّم المماثلةُ بينهما ثم استؤنف فقيل :﴿ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ ﴾ بما ذكر من المذكّرات فيقف على ما بينهما من التفاوت والتنائي ﴿ أُوْلُو الألباب ﴾ أي العقولِ الخالصةِ المبرّأة من مشايعة الإلْفِ ومعارضةِ الوهم.
﴿ الذين يُوفُونَ بِعَهْدِ الله ﴾ بما عقَدوا على أنفسهم من الاعتراف بربوبيته تعالى حين قالوا : بلى، أو ما عهِد الله عليهم في كتبه ﴿ وَلاَ يِنقُضُونَ الميثاق ﴾ ما وثّقوه على أنفسهم وقبِلوه من الإيمان بالله وغيرِه من المواثيق بينهم وبين الله وبين العبادِ وهو تعميمٌ بعد تخصيصٍ، وفيه تأكيدٌ للاستمرار المفهوم من صيغة المستقبل.
﴿ والذين يَصِلُونَ مَا أَمَرَ الله بِهِ أَن يُوصَلَ ﴾