وجوز أن يراد بالدار الآخرة أي لهم العقبى الحسنة في الدار الآخرة، وقيل : الجار والمجرور خبر اسم الإشارة و﴿ عقبى ﴾ فاعل الاستقرار، وأياماً كان فليس فيه قصر حتى يرد أن بعض ما في حيز الصلة ليس من العزائم التي يخل إخلالها بالوصول إلى حسن العاقبة.
وقال بعضهم : إن المراد مآل أولئك الجنة من غير تخلل بدخول النار فلا بأس لو قيل بالقصر، ولا يلزم عدم دخول الفاسق المعذب الجنة، والقول إنه موصوف بتلك الصفات في الجملة كما ترى.
والجملة خبر للموصولات المتعاطفة إن رفعت بالابتداء أو استئناف نحوي أو بياني في جواب ما بال الموصوفين بهذه الصفات؟ إنجعلت الموصولات المتعاطفة صفات لأولي الألباب على طريقة المدح من غير أن يقصد أن يكون للصلات المذكورة مدخل في التذكر، والأول أوجه لما في الكشف من رعاية التقابل بين الطائفتين، وحسن العطف في قوله تعالى :﴿ والذين يَنقُضُونَ ﴾ [ الرعد : ٢٥ ] وجريهما على استئناف الوصف للعالم ومن هو كأعمى.
وقوله سبحانه :﴿ جنات عَدْنٍ ﴾ بدل من ﴿ عقبى الدار ﴾ [ الرعد : ٢٢ ] كما قال الزجاج بدل كل من كل، وجوز أبو البقا.
ء وغيره أن يكون مبتدأ خبره قوله تعالى :﴿ يَدْخُلُونَهَا ﴾ وتعقب بأنه بعيد عن المقام، والأولى أن يكون مبتدأ محذوف كما ذكر في "البحر" ورد بأنه لا وجه له لأن الجملة بيان لعقبى الدار فهو مناسب للمقام، والعدن الإقامة والاستقرار يقال : عدن بمكان كذا إذا استقر، ومنه المعدن لمستقر الجواهر أي جنات يقيمون فيها، وأخرج غير واحد عن ابن مسعود أنه قال :﴿ جنات عَدْنٍ ﴾ بطنان الجنة أي وسطها، وروى نحو ذلك عن الضحاك إلا أنه قال : هي مدينة وسط الجنة فيها الأنبياء والشهداء وأئمة الهدى، وجاء فيها غير ذلك من الأخبار، ومتى أريد منها مكان مخصوص من الجنة كان البدل بدل بعض من كل.