﴿ سلام عَلَيْكُمُ ﴾ أي قائلين ذلك وهو بشارة بدوام السلامة، فالجملة مقول لقول محذوف واقع حالاً من فاعل ﴿ يَدْخُلُونَ ﴾ [ الرعد : ٢٣ ] وجوز كونها حالاً من غير تقدير أي مسلمين، وهي في الأصل فعلية أي يسلمون سلاماً، وقوله تعالى :﴿ بِمَا صَبَرْتُمْ ﴾ متعلق كما قال أبو البقاء بما تعلق به ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ أو به نفسه لأنه نائب عن متعلقه، ومنع هذا كما قال السيوطي السفاقسي وقال : لا وجه له، والصحيح أنه متعلق بما تعلق به ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ وجوز الزمخشري تعلقه بسلام على معنى نسلم عليكم ونكرمكم بصبركم ؛ ومنعه أبو البقاء بأن فيه الفصل بين المصدر ومعموله بالأجنبي وهو الخبر، ووجه ذلك في الدر المصون بأن المنع إنما هو في المصدر المؤول بحرف مصدري وهذا ليس منه مع أن الرضي جوز ذلك مع التأويل أيضاً وقال : لا أراه مانعاً لأن كل مؤول بشيء لا يثبت له جميع أحكامه، وجوز لهذه العلة العلامة الثاني تقديم معمول المصدر المؤول بأن والفعل عليه في نحو قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ ﴾ [ النور : ٢ ] وقال في "الكشف" : إن ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ نظراً إلى الأصل غير أجنبي فلذلك جاز أن يفصل به، على أن الزمخشري لم يصرح بأنه معموله بل من مقتضاه ولذا قال : أي نسلم الخ فدل على أن التعلق معنوي يقدر ما يناسبه، ولوجعل معمولاً للظرف المستقر أعني ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾ فيكون متعلقاً معنى بسلام ضرورة لكان وجهاً خالياً عن التكليف، وجعله أبو حيان خبر مبتدأ محذوف و﴿ مَا ﴾ مصدرية والباء سببية أو بدلية أي هذا الثواب الجزيل بسبب صبركم في الدنيا على المشاق أو بدله.


الصفحة التالية
Icon