وقد علَّمنا رسول الله ﷺ ذلك " فكان إذا حزبه أمر قام إلى الصلاة ". ومن عظمة الإيمان أن الله هو الذي يدعوك إلى الصلاة ؛ وهو سبحانه لا يمنع عنك القُرْب في أيِّ وقت تشاء ؛ وأنت الذي تُحدِّد متى تقف بين يديه في أي وقت بعد أن تُلبِّي دعوته بالفروض ؛ لتؤدي ما تحب من النوافل ؛ ولا يُنهِي سبحانه المقابلة معك كما يفعل عظماء الدنيا ؛ بل تُنهِي أنت اللقاء وقَتَ أنْ تريد.
ولقد تأدَّب رسول الله ﷺ بأدب ربه ؛ وتخلَّق بالخلُق السامي ؛ فكان إذا وضع أحد يده في يد الرسول ﷺ ؛ فهو لا ينزع يده من يد مَنْ يُسلِّم عليه ؛ إلا أنْ يكون هو النازع.
وقول الحق سبحانه :﴿ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ... ﴾ [ الرعد : ٢٢ ]
يعني : أنك لا يجب أن تنظر إلى ما يؤخذ منك، ولكن انظر إلى أنك إنْ وصلتَ إلى أن تحتاج من الغير سيؤخذ لك، وهذا هو التأمين الفعال، ومَنْ يخاف أن يترك عيالاً دون قدرة، ولو كان هذا الإنسان يحيا في مجتمع إيماني، لوجد قول الحق مُطبَّقاً :﴿ وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُواّ الله وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ﴾ [ النساء : ٩ ]
وبذلك لا يشعر اليتيم باليُتْم ؛ ولا يخاف أحد على عياله، ولا يسخط أحد على قَدَر الله فيه. وسبحانه يضع الميزان الاقتصادي حين يطلب منا الإنفاق، والإنفاق يكون من مال زائد ؛ أو مال بلغ النصاب، ولذلك فعليك أنْ تتحرك حركة نافعة للحياة، ويستفيد منها الغير، كي يكون لك مال تُنفِق منه، وعلى حركتك أن تَسعَكَ وتسَعَ غيرك.
وهناك مَنْ ينفق مِمَّا رزقه الله بأن يأخذ لنفسه ما يكفيها، وينفق الباقي لوجه الله ؛ لأنه يضمن أن له إلهاً قادراً على أن يرزقه، والمضمون عند الله أكثر مما في يده.


الصفحة التالية
Icon