يَا مَنْ تُضايِقه الفِعَالُ مِنَ التي ومِنَ الذي | دفع فِدْيتك بالتي حتَّى نَرى فإذَا الذِي |
ويتابع الحق سبحانه :﴿... أولئك لَهُمْ عقبى الدار ﴾ [ الرعد : ٢٢ ]
أي : أن المتقدمين أولي الألباب الذين اجتمعت لهم تلك الصفات التِسعة ؛ بدايةً من أنهم يُوفُون بعهد الله ؛ ولا ينقضون الميثاق ؛ ويَصِلون ما أمر الله أنْ يُوصَل ويخشوْن ربهم ؛ ويخافون سُوء الحساب ؛ وصبروا ابتغاء وجه ربهم ؛ وأقاموا الصلاة ؛ وأنفقوا مما رزقهم الله سراً وعلانية ؛ ويَدْرءون بالحسنة السيئةَ، هؤلاء هم الذين لهم عُقْبى الدار.
وعُقْبى مأخوذة من العقب ؛ فالقدم له مقدم وله عَقِب، وعقب هو ما يعقب الشيء، ونقول في أفراحنا " والعافية عندكم في المسرات " أي : أننا نتمنى أن تتحقق لكم مَسرَّة مثل التي عندنا، وتكون عقب المَسرَّة التي فرحنا نحن بها.
وهكذا تكون العقبى هي الشيء الذي يعقب غيره، والذي يعقب الدار الدنيا هي الدار الآخرة. ولذلك يقول الحق سبحانه في الآية التالية مُوضِّحاً العاقبة لهؤلاء :
﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ... ﴾
إذن : فالدار الآخرة التي تعقب الدنيا بالنسبة لأولِي الألباب هي جنات عَدْن. و " العَدْن " هو الإقامة الدائمة ؛ وجنات عدن هي جنات الإقامة الدائمة، لأن الدنيا ليست دار إقامة.
وكل نعيم في الدنيا إما أن تفوته بالموت أو يفوتك بأغيار الحياة. أما جنات عَدْن فهي دار إقامة دائمة ؛ بما أن " عدن " تعني مرافقة دائمة للجنات.