والمَثل الذي أضربه على ذلك : هَبْ أن أباً قد حرص على أنْ يطعَم أهله من حلال ؛ فقد يعيش أولاده في ضيق وشَظَف ؛ بينما نجد أبناء المنحرف يعيشون في بُحْبُوحَة من العيش ؛ وهكذا يتنعَّم أبناء المنحرف الذي يأكل ويطعم أولاده من حرام ؛ بينما يعاني أبناء الأمين الذي قد يعتبره البعض مُتزمتاً ؛ لأنه يَرْعى حق الله، ويرفض أكل الحرام.
ومادام أولاده الذين يأكلون من حلال قد يُعانون معه من عدم التنعُّم ؛ فالحق سبحانه يلحقهم في الجنة بنعيم يعيشه الأب ؛ لا يفوتهم فيه شيء ؛ ولا يفوته شيء.
وبذلك تسعد الذرية ؛ لأنها جاءت من صُلْب رجل مؤمن قضى حياته على جَادة الصواب ؛ رغم أن بعض الناس قد اتهمتْه في الدنيا بأنه مُتزمِّت.
ولقائل أنْ يقول : ألاَ يوجد تناقض بين هذا الإلحاق وبين قول الحق سبحانه :﴿ لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً... ﴾ [ لقمان : ٣٣ ]
وأقول : لا يوجد تناقض ؛ لأننا نصلي على الميت صلاة شرَّعها المُشرِّع ؛ وفائدتها أنْ تصل الرحمة للميت المؤمن ؛ والإيمان من عمله.
ولذلك يضيف له الحقُّ سبحانه فوق رصيد الإيمان ما يشاؤه هو سبحانه من الرحمة بصلاة الجنازة التي أقامها المسلمون عليه :﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ ﴾ [ الرعد : ٢٣ ]
وكلمة " زوج " تعني المرأة التي يتزوجها الرجل ؛ وتعني الرجل الذي تتزوجه المرأة، ونحن نخطئ خطأ شائعاً حين نقول " زوجة " ؛ بل الصحيح أن نقول " زوج " عن المرأة المنسوبة لرجل بعلاقة الزواج.
وسبحانه يقول :﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ... ﴾ [ الأحزاب : ٦ ]