وهكذا نعلم أن جنات عَدْنٍ هي مكان ينتظم كل شيء ؛ ولهذا المكان أبواب متعددة ؛ هي أبواب الطاعات التي أَدَّتْ إلى خير الجَزَاءات ؛ فباب الصلاة يدخله أُناس ؛ وباب الزكاة يدخله أُناس ؛ وباب الصبر يدخله أُناس ؛ وهكذا تتعدد الأبواب ؛ وهي إمَّا أبواب الطاعات أو أبواب الجزاءات التي تدخل منها الطيبات :﴿ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هذا الذي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ... ﴾ [ البقرة : ٢٥ ]
فالبابُ يكون مفتوحاً ؛ تأتي منه الفاكهة والثَّمَرات والخيرات على اختلاف ألوانها ؛ فمرَّةً تأتي ثمار المانجو من باب ؛ وبعد ذلك تأتي ثمار التفاح.
وتلك الأبواب كما قلت هي إمّا للجزاءات ؛ أو هي أبواب الطاعات التي أدَّت إلى الجزاءات، وتدخل عليهم الملائكة من كُلِّ باب ؛ فماذا تقول الملائكة؟
يقول الملائكة لأهل الجنة :
﴿ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ... ﴾
والسلام يعني الاطمئنان والرضا الذي لا تأتي بعده الأغيار ؛ لأن السلام في الدنيا قد تُعكِّر أَمْنه أغيارُ الحياة ؛ فأنتم أيها المؤمنون الذين دخلتم الجنة بريئون من الأغيار.
وقال ﷺ عن لحظات ما بعد الحساب :" الجنة أبداً، أو النار أبداً ".
ولذلك يقول سبحانه عن خيرات الجنة :﴿ لاَّ مَقْطُوعَةٍ وَلاَ مَمْنُوعَةٍ ﴾ [ الواقعة : ٣٣ ]
والملائكة كما نعلم نوعان :
الملائكة المهيمون الذين يشغلهم ذكر الله تعالى عن أيِّ شيء ولا يدرون بِنَا ؛ ولا يعلمون قصة الخَلْق ؛ وليس لهم شَأنٌ بكُلِّ ما يجري ؛ فليس في بالهم إلا الله وهم الملائكة العَالُون ؛ الذين جاء ذكرهم في قصة السجود لآدم حين سأل الحق سبحانه الشيطان :﴿ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ العالين ﴾ [ ص : ٧٥ ]
أي : أن العالين هنا هم مَنْ لم يشملهم أَمْرُ السجود، وليس لهم علاقة بالخلق، وكُلُّ مهمتهم ذكر الله فقط.


الصفحة التالية
Icon