الزّجاج :"وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً" إلى قوله :"الْمَوْتَى" لما آمنوا، والجواب المضمر هنا ما أظهر في قوله :﴿ وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة ﴾ [ الأنعام : ١١١ ] إلى قوله :﴿ مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله ﴾ [ الأنعام : ١١١ ].
﴿ بَل للَّهِ الأمر جَمِيعاً ﴾ أي هو المالك لجميع الأمور، الفاعل لما يشاء منها، فليس ما تلتمسونه مما يكون بالقرآن، إنما يكون بأمر الله.
قوله تعالى :﴿ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا ﴾
قال الفراء قال الْكَلْبي :"ييئس" بمعنى يعلم، لغة النَّخَع ؛ وحكاه القُشَيْري عن ابن عباس ؛ أي أفلم يعلموا ؛ وقاله الجوهري في الصحاح.
وقيل : هو لغة هَوَازِن ؛ أي أفلم يعلم ؛ عن ابن عباس ومجاهد والحسن.
وقال أبو عبيدة : أفلم يعلموا ويتبيّنوا، وأنشد في ذلك أبو عبيدة لمالك بن عوف النَّصْرِي :
أَقُولُ لَهُمْ بالشَّعْب إذْ يَيْسِرُونَنِي...
أَلَمْ تَيْأَسُوا أَنِّي ابن فَارِسِ زَهْدَمِ
يَيْسرونني من المَيْسر، وقد تقدم في "البقرة" ويروى يأسرونني من الأَسْر.
وقال رَبَاح بن عديّ :
أَلَمْ يَيْئَسِ الأقوامُ أَنِّي ( أنا ) ابنه...
وإنْ كنتُ عن أرضِ الْعَشِيرةِ نائيَا
في كتاب الرّد "أني أنا ابنه" وكذا ذكره الغزنوي : ألم يعلم ؛ والمعنى على هذا : أفلم يعلم الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً من غير أن يشاهدوا الآيات.
وقيل : هو من اليأس المعروف ؛ أي أفلم ييئس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الكفار، لعلمهم أن الله تعالى لو أراد هدايتهم لهداهم ؛ لأن المؤمنين تَمنَّوا نزول الآيات طمعاً في إيمان الكفار.
وقرأ عليّ وابن عباس :"أَفَلَمْ يَتَبَيَّنَ الَّذِينَ آمَنُوا" من البيان.
قال القُشَيْرِي : وقيل لابن عباس المكتوب "أَفَلَمْ يَيْئَسِ" قال : أظن الكاتب كتبها وهو ناعس ؛ أي زاد بعض الحروف حتى صار "ييئس".


الصفحة التالية
Icon