لم ير النبي ﷺ عقوبتهم إلا أنه علم بحقيقته فكان رأي عيانٍ.
قوله تعالى :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ على كُلّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ يقول : هو الله القائم على كل نفس برة، وفاجرة، بالرزق لهم، والدفع عنهم، وجوابه مضمر.
يعني : كمن هو ليس بقائم على ذرة، وهذا كقوله :﴿ َفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ﴾ [ النحل : ١٧ ] ثم قال :﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء ﴾ يعني : قالوا، ووصفوا لله شريكاً.
وقال مقاتل :﴿ وَجَعَلُواْ الله شُرَكَاء ﴾ يقول : أنا القائم على كل نفس بأرزاقهم، وأطعمتهم، كالذين يصفون أن لي شريكاً.
معناه : لا تكون عبادة الله بعبادة غيره ﴿ قُلْ سَمُّوهُمْ ﴾ يعني : قل يا محمد سموا هؤلاء الشركاء.
يعني : سموا دلائلهم، وبراهينهم، وحججهم.
ويقال : سموا منفعتهم، وقدرتهم.
ثم قال ﴿ أَمْ تُنَبّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِى الأرض ﴾ يعني : تخبرونه بما علم أنه لا يكون.
ويقال : معناه أتشركون معه جاهلاً لا يعلم ما في الأرض.
ويقال : معناه أتخبرون الله بشيء لا يعلم من آلهتكم.
يعني : يعلم الله أنه ليس لها في الأرض قدرة ﴿ أَم بظاهر مّنَ القول ﴾ يعني : أتقولون قولاً بلا برهان، ولا حجة.
ويقال : بباطل من القول.
يعني : إن قلتم إن لها قدرة لقلتم باطلاً.
وقال قتادة الظاهر من القول الباطل، وكذلك قال مجاهد.
ثم قال :﴿ بَلْ زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ ﴾ يقول : ولكن زين للذين كفروا من أهل مكة كفرهم، وقولهم الشرك ﴿ وَصُدُّواْ عَنِ السبيل ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمر، ﴿ وَصُدُّواْ عَنِ السبيل ﴾ بنصب الصاد.
يعني : إن الكافرين صدوا الناس عن السبيل.
يعني : عن دين الله الإسلام.
وقرأ الباقون :﴿ وَصُدُّواْ ﴾ بضم الصاد على فعل ما لم يسم فاعله.


الصفحة التالية
Icon