قوله تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ ﴾ وذلك أن اليهود عَيَّروا رسول الله ﷺ وقالوا : لو كان هذا نبيّاً كما يزعم، لشغلته النبوة عن تزوج النساء.
فنزل ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مّن قَبْلِكَ ﴾ يا محمد ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً ﴾ قال الكلبي : كان لسليمان بن داود عليه السلام ثلاثمائة امرأة مهرية، وتسعمائة سرية، وكان لداود مائة امرأة.
ثم قال :﴿ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ ﴾ يعني : ليس ينبغي لرسول ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً ﴾ إلى قومه ﴿ إِلاَّ بِإِذْنِ الله ﴾ يعني : بأمر الله تعالى.
ويقال : معناه ما كان يقدر أحد أن يأتي بآية من الآيات إلا بإذن الله ﴿ لِكُلّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ أي : لكل أجل من آجال العباد كتاب مكتوب، لا يزاد عليه، ولا ينقص منه، ويقال : لكل أجل وقت قد كتب.
وقال الفراء : هذا مقدم ومؤخر أي : لكل كتاب أجل مثل قوله :﴿ َجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ ق : ١٩ ] أي : سكرة الحق بالموت، وكذلك قال ابن عباس.
قوله تعالى :﴿ يَمْحُو الله مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ ﴾ روى ابن أبي نجيح عن مجاهد أن قريشاً، لما نزلت هذه الآية ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِىَ بِأايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ الله لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ﴾ [ الرعد : ٣٨ ] قالوا : ما نراك يا محمد تملك من شيء، ولقد فرغ من الأمر.
فنزلت هذه الآية تخويفاً، ووعيداً لهم.
فإنّا إن شئنا أحدثنا له من أمرنا ما نشاء، فيمحو الله ما يشاء، ويثبت ما يشاء من أرزاق العباد، ومصايبهم، وما يعطيهم، وما يقسم لهم.
وروى وكيع عن الأعمش، عن أبي وائل أنه كان يقول في دعائه : اللَّهم إن كنت كتبتنا سعداء، فأثبتنا.
وإن كنت كتبتنا أشقياء، فامحنا واكتبنا سعداء.