قال في الشكاف :" أم " في قوله ﴿ أم تنبئونه ﴾ منقطعة كقولك للرجل قل لي من زيد أم هو أقل من أن يعرف. أقول : وذلك لأنه لا شيء محض إذ لو كان الشريك موجوداً وهو أرضيّ لتعلق به علم العالم بالذات المحيط بجميع السفليات ونحوه ﴿ قل أتنبئون الله بما لا يعلم ﴾ [ يونس : ١٨ ] وقد مر في أول " يونس ". ثم أكد هذا المعنى بقوله :﴿ أم بظاهر من القول ﴾ أي بل أتسمونهم شركاء بظاهر من الكلام من غير أن يكون له حقيقة كقوله :﴿ ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها ﴾ [ يوسف : ٤٠ ] وهذا الاحتجاج من أعاجيب الأساليب التي اختص بها القرآن الكريم المعجز فللَّه در شأن التنزيل. ثم بين سوء طريقتهم فقال :﴿ بل للذين كفروا مكرهم ﴾ قال الواحدي : معنى " بل " ههنا كما يقال دع ذكر الدليل فإنه لا فائدة فيه إنه كذا وكذا. والكلام في أن المزين هو الله تعالى أو غيره قد مر في أول سورة آل عمران، وكذا البحث فيمن قرأ ﴿ وصدوا ﴾ بضم الصاد، وأما من قرأ بالفتح فيحتمل أن يكون لازماً أي أعرضوا عنه، ويحتمل أن يكون متعدياً أي صرفوا غيرهم، والخلاف في قوله :﴿ ومن يضلل الله ﴾ تقدم في مواضع منها آخر الأعراف ثم عاد إلى الإيعاد فقال :﴿ لهم عذاب في الحياة الدنيا ﴾ من القتل والقتال واللعن والذم لا المصائب والأمراض لأنها قد تصيب المؤمنين أيضاً، ولأنها مأمور بالصبر عليها والعقاب لا يكون كذلك ﴿ ولعذاب الآخرة أشق ﴾ لأنه أشد وأدوم ﴿ وما لهم من الله ﴾ أي من عذابه ﴿ من واق ﴾ من حافظ أو ما لهم من جهة الله واق أي دافع ومانع من رحمته بل إنما يمنع رحمته منهم باختياره وحكمه. ثم عقب الوعيد بالوعد فقال :﴿ مثل الجنة ﴾ وتقديره عند سيبويه فيما قصصنا عليكم في الجنة. وقال غيره : الخبر ﴿ تجري ﴾ كما تقول صفة زيد أسمر. وقال الزجاج : إنه تمثيل للغائب بالشاهد ومعناه مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار.