وقيل : إن فائدة الخبر ترجع إلى قوله :﴿ أكلها دائم ﴾ كأنه قال مثل الجنة ﴿ التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار ﴾ كما تعلمون من حال جناتكم إلا أن هذه ﴿ أكلها دائم ﴾ كقوله :﴿ لا مقطوعة ولا ممنوعة ﴾ [ الواقعة : ٣٣ ] ﴿ وظلها ﴾ دائم أيضاً. والمراد أنه لا حر هناك ولا برد ولا شمس ولا قمر ولا ظلمة، وقد مر هذا البحث في سورة النساء في قوله :﴿ وندخله ظلاً ظليلاً ﴾ [ الآية : ٥٧ ] قيل : في الآية دلالة على أن حركات الجنة لا تنتهي إلى سكون دائم كما يقوله أبو الهذيل وأتباعه. قال القاضي : وفيها دليل على أن الجنة لم تخلق بعد وإلا انقطع أكلها لقوله تعالى :﴿ كل من عليها فان ﴾ [ الرحمن : ٢٦ ]، ﴿ كل شيء هالك إلا وجهه ﴾ [ القصص : ٨٨ ] قال : ولم ننكر أن تحصل الآن في السموات جنات تتمتع بها الملائكة ومن يعد حياً من الأنبياء والشهداء وغيرهم إلا أن جنة الخلد خاصة إنما تخلق بعد الإعادة. وأجيب بأننا نخصص عموم كل شيء هالك بالدليل الدال على أن الجنة مخلوقة وهو قوله :﴿ أعدت للمتقين ﴾ [ آل عمران : ١٣٣ ].


الصفحة التالية
Icon