﴿ والذين ءاتيناهم الكتاب ﴾ يريد من أسلم من اليهود كابن سلام ونحوه ومن النصارى بأرض الحبشة ﴿ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأحزاب ﴾ أي ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول الله ﷺ بالعداوة ككعب بن الأشرف وأصحابه والسيد والعاقب وأشياعهما ﴿ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ﴾ لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام والمعاني مما هو ثابت في كتبهم وكانوا ينكرون نبوة محمد عليه الصلاة والسلام وغير ذلك مما حرفوه وبدلوه من الشرائع ﴿ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله وَلا أُشْرِكَ بِهِ ﴾ هو جواب للمنكرين أي قل إنما أمرت فيما أنزل إلى بأن أعبد الله ولا أشرك به فإنكاركم له إنكار لعبادة الله وتوحيده فانظروا ماذا تنكرون مع ادعائكم وجوب عبادة الله وأن لا يشرك به ﴿ إِلَيْهِ ادعوا ﴾ خصوصاً لا أدعو إلى غيره ﴿ وَإِلَيْهِ ﴾ لا إلى غيره ﴿ مَئَابٍ ﴾ مرجعي وأنتم تقولون مثل ذلك فلا معنى لإنكاركم ﴿ وكذلك أنزلناه ﴾ ومثل ذلك الإنزال أنزلناه مأموراً فيه بعبادة الله وتوحيده والدعوة إليه وإلى دينه والإنذار بدار الجزاء ﴿ حُكْمًا عَرَبِيّا ﴾ حكمة عربية مترجمة بلسان العرب وانتصابه على الحال كانوا يدعون رسول الله ﷺ إلى أمور يشاركهم فيها فقيل ﴿ وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ العلم ﴾ أي بعد ثبوت العلم بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة ﴿ مَالَكَ مِنَ الله مِن وَلِىّ وَلاَ وَاقٍ ﴾ أي لا ينصرك ناصر ولا يقيك منه واق وهذا من باب التهييج والبعث للسامعين على الثبات في الدين وأن لا يزال زال عند الشبهة بعد استمساكه بالحجة وإلا فكان رسول الله ﷺ من شدة الثبات بمكان.


الصفحة التالية
Icon