﴿ قل : سموهم ﴾ ! فإنهم نكرات مجهولة. وقد تكون لهم أسماء. ولكن التعبير هنا ينزلهم منزلة النكرات التي لا تعرف أسماؤها.
﴿ أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض؟ ﴾.. يا للتهكم! أم إنكم أنتم البشر تعلمون ما لا يعلمه الله؟ فتعلمون أن هناك آلهة في الأرض، وغاب هذا عن علم الله؟! إنها دعوى لا يجرؤون على تصورها. ومع هذا فهم يقولونها بلسان الحال، حين يقول الله أن ليست هناك آلهة، فيدعون وجودها وقد نفاه الله!
﴿ أم بظاهر من القول؟ ﴾.
تدعون وجودها بكلام سطحي ليس وراءه مدلول. وهل قضية الألوهية من التفاهة والهزل بحيث يتناولها الناس بظاهر من القول؟!
وينتهي هذا التهكم بالتقرير الجاد الفاصل :
﴿ بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل. ومن يضلل الله فما له من هاد ﴾..
فالمسألة إذن أن هؤلاء كفروا وستروا أدلة الإيمان عنهم وستروا نفوسهم عن دلائل الهدى، فحقت عليهم سنة الله، وصورت لهم نفوسهم أنهم على صواب، وأن مكرهم وتدبيرهم ضد الدعوة حسن وجميل، فصدهم هذا عن السبيل الواصل المستقيم. ومن تقتضي سنة الله ضلاله لأنه سار في طريق الضلال فلن يهديه أحد، لأن سنة الله لا تتوقف إذا حقت بأسبابها على العباد.
والنهاية الطبيعية لهذه القلوب المنتكسة هي العذاب :
﴿ لهم عذاب في الحياة الدنيا ﴾.
إن أصابتهم قارعة فيها، وإن حلت قريباً من دارهم فهو الرعب والقلق والتوقع. وإلا فجفاف القلب من بشاشة الإيمان عذاب، وحيرة القلب بلا طمأنينة الإيمان عذاب. ومواجهة كل حادث بلا إدراك للحكمة الكبرى وراء الأحداث عذاب..
﴿ ولعذاب الآخرة أشق ﴾..
ويتركه هنا بلا تحديد للتصور والتخيل بلا حدود.
﴿ وما لهم من الله من واق ﴾.
يحميهم من أخذه، ومن نكاله. فهم معرضون بلا وقاية لما ينزله من عذاب..