يعرض هذه الصفحة من الوجود الكوني ليعجّب من أمر قوم يجادلون في الله ويشركون به، وهم يشاهدون آثار ربوبيته وقدرته وسلطانه، ودينونة الكون له، وتصريفه وتدبيره لأمر العباد فيه ؛ وعجز كل من عداه سبحانه عن الخلق والتدبير والتقدير :
﴿ وهم يجادلون في الله، وهو شديد المحال. له دعوة الحق، والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال. ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً، وظلالهم بالغدو والآصال.. قل : من رب السماوات والأرض؟ قل : الله. قل : أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً؟ قل : هل يستوي الأعمى والبصير؟ أم هل تستوي الظلمات والنور؟ أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم؟ قل : الله خالق كل شيء، وهو الواحد القهار ﴾ وهكذا يستحيل الكون معرضاً باهراً لدلائل القدرة وموحيات الإيمان، يخاطب الفطرة بالمنطق الشامل العميق ؛ ويخاطب الكينونة البشرية جملة، بكل ما فيها من قوى الإدراك الباطنة والظاهرة، في تناسق عجيب.
ثم يضيف إلى صفحات الكتاب الكوني، صفحات التاريخ الإنساني ؛ ويعرض آثار القدرة والسلطان والهيمنة والقهر والتدبير في حياة الإنسان :
﴿ ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات! ﴾ ﴿ الله يعلم ما تحمل كل أنثى، وما تغيض الأرحام وما تزداد، وكل شيء عنده بمقدار. عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال. سوآء منكم من أسر القول ومن جهر به، ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له، وما لهم من دونه من وال ﴾ * ﴿ الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر، وفرحوا بالحياة الدنيا، وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع ﴾..