﴿ ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله، إن الله لا يخلف الميعاد. ولقد استهزىء برسل من قبلك، فأمليت للذين كفروا، ثم أخذتهم، فكيف كان عقاب ﴾..
* ﴿ أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها؟ والله يحكم لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب ﴾.
* ﴿ وقد مكر الذين من قبلهم، فلله المكر جميعاً، يعلم ما تكسب كل نفس، وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار! ﴾.
وهكذا يحشد المنهج القرآني هذه الشواهد والدلائل في التاريخ البشري ؛ ويحيلها إلى مؤثرات وموحيات، تخاطب الكينونة البشرية بجملتها في تناسق واتساق.
ونقف من هذا الحشد على معلم من معالم هذا المنهج في الدعوة إلى الله على بصيرة دعوة تخاطب الكينونة البشرية بجملتها، ولا تخاطب فيها جانباً واحداً من قواها المدركة.. جانب الفكر والذهن، أو جانب الإلهام والبصيرة، أو جانب الحس والشعور..
وهذا القرآن ينبغي أن يكون هو كتاب هذه الدعوة، الذي يعتمد عليه الدعاة إلى الله، قبل الاتجاه إلى أي مصدر سواه. والذي ينبغي لهم بعد ذلك أن يتعلموا منه كيف يدعون الناس، وكيف يوقظون القلوب الغافية، وكيف يحيون الأرواح الخامدة.
إن الذي أوحى بهذا القرآن هو الله، خالق هذا الأنسان، العليم بطبيعة تكوينه، الخبير بدروب نفسه ومنحنياتها.. وكما أن الدعاة إلى الله يجب أن يتبعوا منهج الله في البدء بتقرير ألوهية الله سبحانه وربوبيته وحاكميته وسلطانه ؛ فإنهم كذلك يجب أن يسلكوا إلى القلوب طريق هذا القرآن في تعريف الناس بربهم الحق على ذلك النحو كما تنتهي هذه القلوب إلى الدينونة لله وحده، والاعتراف بربوبيته المتفردة وسلطانه..


الصفحة التالية
Icon