وقال الشوكانى :
﴿ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ﴾ " ما " زائدة وأصله : وإن نرك ﴿ بَعْضَ الذى نَعِدُهُمْ ﴾ من العذاب كما وعدناهم بذلك بقولنا :﴿ لَّهُمْ عَذَابٌ فِى الحياة الدنيا ﴾ وبقولنا :﴿ وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ ﴾ والمراد أريناك بعض ما نعدهم قبل موتك، أو توفيناك قبل إراءتك لذلك ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ ﴾ أي : فليس عليك إلاّ تبليغ أحكام الرسالة، ولا يلزمك حصول الإجابة منهم لما بلغته إليهم ﴿ وَعَلَيْنَا الحساب ﴾ أي : محاسبتهم بأعمالهم ومجازاتهم عليها، وليس ذلك عليك.
وهذا تسلية من الله سبحانه لرسوله ﷺ وإخبار له أنه قد فعل ما أمره الله به، وليس عليه غيره، وأن من لم يجب دعوته، ويصدّق نبوّته فالله سبحانه محاسبه على ما اجترم واجترأ عليه من ذلك.
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ ﴾ يعني أهل مكة، والاستفهام للإنكار، أي : أولم ينظروا ﴿ أَنَّا نَأْتِى الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ أي : نأتي أرض الكفر كمكة ننقصها من أطرافها بالفتوح على المسلمين منها شيئاً فشيئاً.
قال الزجاج : أعلم الله أن بيان ما وعد المشركين من قهرهم قد ظهر، يقول : أولم يروا أنا فتحنا على المسلمين من الأرض ما قد تبين لهم، فكيف لا يعتبرون؟ وقيل : إن معنى الآية : موت العلماء والصلحاء.
قال القشيري : وعلى هذا فالأطراف الأشراف.
وقد قال ابن الأعرابي : الطرف الرجل الكريم.
قال القرطبي : وهذا القول بعيد ؛ لأن مقصود الآية : أنا أريناهم النقصان في أمرهم ليعلموا أن تأخير العقاب عنهم ليس عن عجز إلاّ أن يحمل على موت أحبار اليهود والنصارى.
وقيل : المراد من الآية خراب الأرض المعمورة حتى يكون العمران في ناحية منها.
وقيل : المراد بالآية هلاك من هلك من الأمم.
وقيل : المراد نقص ثمرات الأرض.
وقيل : المراد جور ولاتها حتى تنقص.


الصفحة التالية
Icon