﴿ والله يَحْكُمُ لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ أي : يحكم ما يشاء في خلقه، فيرفع هذا ويضع هذا، ويحيي وهذا ويميت هذا، ويغني هذا، ويفقر هذا، وقد حكم بعزّة الإسلام وعلوّه على الأديان.
وجملة ﴿ لاَ مُعَقّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ في محل نصب على الحال.
وقيل : معترضة.
والمعقب : الذي يكرّ على الشيء فيبطله، وحقيقته الذي يقفيه بالردّ والإبطال.
قال الفراء : معناه لا رادّ لحكمه، قال : والمعقب الذي يتبع الشيء فيستدركه، ولا يستدرك أحد عليه، والمراد من الآية أنه لا يتعقب أحد حكم الله سبحانه بنقص ولا تغيير.
﴿ وَهُوَ سَرِيعُ الحساب ﴾ فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته على السرعة ﴿ وَقَدْ مَكَرَ الذين مِن قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ المكر جَمِيعًا ﴾ أي : قد مكر الكفار الذين من قبل كفار مكة بمن أرسله الله إليهم من الرسل ؛ فكادوهم وكفروا بهم، وهذا تسلية من الله سبحانه لرسوله ﷺ حيث أخبره أن هذا ديدن الكفار من قديم الزمان مع رسل الله سبحانه، ثم أخبره بأن مكرهم هذا كالعدم، وأن المكر كله لله، فقال :﴿ فَلِلَّهِ المكر جَمِيعًا ﴾ لا اعتداد بمكر غيره، ثم فسر سبحانه هذا المكر الثابت له دون غيره، فقال :﴿ يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ ﴾ من خير وشرّ فيجازيها على ذلك.
ومن علم ما تكسب كل نفس وأعد لها جزاءها كان المكر كله له ؛ لأنه يأتيهم من حيث لا يشعرون.
وقال الواحدي : إن مكر الماكرين مخلوق فلا يضرّ إلاّ بإرادته.
وقيل : المعنى فللّه جزاء مكر الماكرين ﴿ وَسَيَعْلَمْ * الكافر لِمَنْ عُقْبَى الدار ﴾.
قرأ نافع، وابن كثير، وأبو عمرو " الكافر " بالإفراد، وقرأ الباقون ﴿ الكفار ﴾ بالجمع، أي : سيعلم جنس الكافر لمن العاقبة المحمودة من الفريقين في دار الدنيا، أو في الدار الآخرة، أو فيهما.
وقيل المراد بالكافر، أبو جهل.


الصفحة التالية
Icon