﴿ وَيَقُولُ الذين كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً ﴾ أي : يقول المشركون أو جميع الكفار : لست يا محمد مرسلاً إلى الناس من الله، فأمره الله سبحانه بأن يجيب عليهم، فقال :﴿ قُلْ كفى بالله شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ فهو يعلم صحة رسالتي، وصدق دعواتي، ويعلم كذبكم ﴿ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الكتاب ﴾ أي : علم جنس الكتاب كالتوراة والإنجيل، فإن أهلهما العالمين بهما يعلمون صحة رسالة رسول الله ﷺ، وقد أخبر بذلك من أسلم منهم كعبد الله بن سلام، وسلمان الفارسي، وتميم الداري ونحوهم، وقد كان المشركون من العرب يسألون أهل الكتاب ويرجعون إليهم، فأرشدهم الله سبحانه في هذه الآية إلى أن أهل الكتاب يعلمون ذلك.
وقيل : المراد بالكتاب القرآن، ومن عنده علم منه هم المسلمون.
وقيل : المراد من عنده علم اللوح المحفوظ، وهو الله سبحانه، واختار هذا الزجاج وقال : لأن الأشبه أن الله لا يستشهد على خلقه بغيره.
وقد أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ في قوله :" ﴿ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ قال :" ذهاب العلماء " وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ونعيم بن حماد في الفتن، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله :﴿ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ قال : موت علمائها وفقهائها وذهاب خيار أهلها.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن مجاهد في تفسير الآية قال : موت العلماء.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : أولم يروا أنا نفتح لمحمد الأرض بعد الأرض.
وأخرج ابن جرير، وابن مردويه من طريق أخرى عنه نحوه.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : يعني أن نبيّ الله ﷺ كان ينتقص له ما حوله من الأرضين ينظرون إلى ذلك فلا يعتبرون.