وجملة ﴿ والله يحكم لا معقب لحكمه ﴾ [ سورة الرعد : ٤١ ] عطف على جملة أولم يروا أنا } مؤكدة للمقصود منها، وهو الاستدلال على أن تأخير الوعيد لا يدل على بطلانه، فاستدل على ذلك بجملة ﴿ وإما نرينك بعض الذي نعدهم ﴾ ثم بجملة ﴿ أولم يروا أنا نأتي الأرض ﴾ ثم بجملة ﴿ والله يحكم ﴾، لأن المعنى : أن ما حكم الله به من العقاب لا يبطله أحد وأنه واقع ولو تأخر.
ولذلك فجملة ﴿ لا معقب لحكمه ﴾ في موضع الحال، وهي المقيدة للفعل المراد إذ هي مصب الكلام إذ ليس الغرض الإعلام بأن الله يحكم إذ لا يكاد يخفى، وإنما الغرض التنبيه إلى أنه لا معقب لحكمه.
: وأفاد نفي جنس المعقب انتفاء كل ما من شأنه أن يكون معقباً من شريك أو شفيع أو داع أو راغب أو مستعصم أو مفتد.
والمعقب : الذي يعقب عملاً فيبطله، مشتق من العَقِب، وهو استعارة غلبت حتى صارت حقيقة.
وتقدم عند قوله تعالى :﴿ له معقبات ﴾ [ سورة الرعد : ١١ ] في هذه السورة، كأنه يجيء عقب الذي كان عمل العمل.
وإظهار اسم الجلالة بعد الإضمار الذي في قوله : أنا نأتي الأرض } لتربية المهابة، وللتذكير بما يحتوي عليه الاسم العظيم من معنى الإلهية والوحدانية المقتضية عدم المنازع، وأيضاً لتكون الجملة مستقلة بنفسها لأنها بمنزلة الحكمة والمثل.
وجملة ﴿ وهو سريع الحساب ﴾ يجوز أن تكون عطفاً على جملة ﴿ والله يحكم ﴾ فتكون دليلاً رابعاً على أن وعده واقع وأن تأخره وإن طال فما هو إلا سريع باعتبار تحقق وقوعه ؛ ويجوز أن يكون عطفاً على جملة الحال.
والمعنى : يحكم غير منقوص حكمه وسريعاً حسابه.
ومآل التقديرين واحد.
والحساب : كناية عن الجزاء والسرعة : العجلة، وهي في كل شيء بحسبه.
﴿ وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢) ﴾


الصفحة التالية
Icon