وقد أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بأن يجيبهم جواب الواثق بصدقه المستشهد على ذلك بشهادة الصدق من إشهاد الله تعالى وإشهاد العالمين بالكتب والشرائع.
ولما كانت الشهادة للرسول عليه الصلاة والسلام بالصدق شهادة على الذين كفروا بأنهم كاذبون جعلت الشهادة بينه وبينهم.
وإشهاد الله في معنى الحلف على الصدق كقول هود عليه السلام ﴿ إنّي أشهد الله ﴾ [ هود : ٥٤ ].
والباء الداخلة على اسم الجلالة الذي هو فاعل كفى } في المعنى للتأكيد وأصل التركيب : كفى اللّهُ.
و﴿ شهيداً ﴾ حال لازمة أو تمييز، أي كفى الله من جهة الشاهد.
﴿ ومن عنده علم الكتاب ﴾ معطوف على اسم الجلالة.
والموصول في ﴿ ومن عنده علم الكتاب ﴾ يجوز أن يراد به جنس من يتصف بالصلة.
والمعنى : وكل من عندهم علم الكتاب.
وإفراد الضمير المضاف إليه ﴿ عِنْدَ ﴾ لمراعاة لفظ ﴿ من ﴾.
وتعريف ﴿ الكتاب ﴾ تعريف للعهد، وهو التوراة، أي وشهادة علماء الكتاب.
وذلك أن اليهود كانوا قبل هجرة النبي ﷺ إلى المدينة يستظهرون على المشركين بمجيء النبي المصدق للتوراة.
ويحتمل أن يكون المراد بمن عنده علم الكتاب معيّناً، فهو ورقة بن نوفل إذ علم أهل مكة أنه شهد بأن ما أوحي به إلى رسول الله ﷺ هو الناموس الذي أنزل على موسى عليه السلام كما في حديث بدء الوحي في الصحيح.
وكان ورقة منفرداً بمعرفة التوراة والإنجيل.
وقد كان خبر قوله للنبيء ﷺ ما قاله معروفاً عند قريش.
فالتعريف في ﴿ الكتاب ﴾ تعريف الجنس المنحصر في التوراة والإنجيل.
وقيل : أريد به عبد الله بن سلام الذي آمن بالنبي ﷺ في أول مقدمهِ المدينة.
ويبعده أن السورة مكية كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon