والعيون والنبات حتى تظنها أيها الرائي لها غير أرضك التي تعرفها ونشأت عليها في الدنيا لخلوها من جميع ذلك، كما قال تعالى (قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) الآية ١٠٧ من سورة طه في ج ١ "وَالسَّماواتُ" ذات الكواكب والشموس والأقمار المعهودة التي عشت تحت ظلها تبدل أيضا بما يبدعه اللّه تعالى حتى لا تشك بأنها غير السموات الأولى لخلوها مما كان فيها من الثريا والميزان والمجرة وغيرها، روي عن سهل بن سعد قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة (هو الطلمه أي الرغيف الثخين العظيم الذي يعملونه فيخبزونه على الملّة وكانت العرب قديما تعمله، ويوجد الآن من عشائر الجبور في الجزيرة آل محمد آمين يعملونه، وان الرغيف منه يكفي الجماعة ويضعون عليه السمن والسكر، ومنه ما يكفي الأربعين وأكثر بارك اللّه في الكرام) يوم القيامة يتكفأها الجبار بيده، (أي يميلها من يد إلى يد كالرقاقة) كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة.
- أخرجاه في الصحيحين -.
وروي عن عائشة قالت : سألت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن قوله تعالى (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ) إلخ فأين يكون الناس يومئذ يا رسول اللّه ؟
فقال على الصراط - أخرجه مسلم -.
ولا تنافي بين هذه الآية وآية (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها) من سورة الزلزلة في ج ١ لإمكان الجمع بينهما، وهو أن الأرض تتبدل صفتها مع بقاء ذاتها، فيضع اللّه تعالى بها قوة النطق، فتحدث بإذنه تعالى بكل ما وقع عليها، ثم تبدل ذاتها بغيرها، وما ذلك على اللّه بعزيز، وأنشد بالمعنى :
اما الديار فإنها كديارهم وأرى نساء الحي غير نسائها
ومن هذا القبيل قوله :
وما الناس بالناس الذين عهدتهم ولا الدار بالدار التي كنت أعلم