"وَبَرَزُوا" الموتى من قبورهم متوجهين "لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ" ٤٨ ليتمثلوا أمامه بالموقف للحساب "وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ" بعضهم ببعض "فِي الْأَصْفادِ" ٤٩ القيود والسلاسل والأغلال "سَرابِيلُهُمْ" لباسهم "مِنْ قَطِرانٍ" هو ما تدهن به الإبل الجربة مستخرج من شجر مخصوص بإشعال النار تحت وسطه، فيسيل من طرفيه، وأكثر ما يكون شمالي حلب بمنطقة الا كبس وغيرها.
وهذه الكلمة لم تكرر في القرآن إلا في سورة ص الآية ٣٨ في ج ١، وكلمة سرابيل كذلك لم تكرر إلا في سورة النحل المارة في الآية ٨٠، والقطران يشبه الزفت ورائحته كالنفط، وقد يستخرج من شجر الأبهل والعرعر والتوت أيضا، وقد حذرهم اللّه تعالى مما يعرفون مبالغة في الاشتعال، وإلا فعنده أشياء لمبالغة الاحتراق أعظم وأعظم من هذه لا نعرفها أجارنا اللّه منها.
وإذا نظرتم أيها الناس إلى هذه المتفجرات التي أحدثت في الحروب واستعملت لإهلاك الناس فدمرت الحرث النسل وهي من عمل البشر فما بالكم بما هو من خلق اللّه الذي أتقن كل شيء ؟
علموا أن هؤلاء الكفرة بعد أن يلبسوا ثياب القطران يزجّون في جهنم "وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ" ٥٠ خص الوجه لأنه أعزّ موضع في ظاهر البدن كالقلب في عنه، ولذلك قال تعالى في سورة الهمزة في ج ١ (تطلع على الأفئدة) وإلا تعلو الرأس برماح كثيرة، وكل ما ذكره اللّه تعالى إنما هو على قدر ما يعقله سر، وإلّا أفظع وأعظم، وإنما ذكرها كالمثل بالنسبة لما تعرفه كما مثل بالمشكاة، وأين المشكاة من نوره المقدس، وكذلك ما ذكره لنا من وصف ؟ ؟ ونعيمها فهو لا يقاس بما عندنا


الصفحة التالية
Icon