ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود. والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله. جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم، وقالوا: إنا كفرنا بما أرسلتم به، وإنا لفي شك مما تدعوننا إليه مريب. قالت رسلهم: أفي الله شك فاطر السماوات والأرض، يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم، ويؤخركم إلى أجل مسمى ؟ قالوا: إن أنتم إلا بشر مثلنا، تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا، فأتونا بسلطان مبين. قالت لهم رسلهم: إن نحن إلا بشر مثلكم، ولكن الله يمن على من يشاء من عباده، وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله، وعلى الله فليتوكل المؤمنون. وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا، ولنصبرن على ما آذيتمونا. وعلى الله فليتوكل المتوكلون. وقال الذين كفروا لرسلهم: لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا. فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين، ولنسكننكم الأرض من بعدهم. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد.
(واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد، من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد، يتجرعه ولا يكاد يسيغه، ويأتيه الموت من كل مكان، وما هو بميت، ومن ورائه عذاب غليظ)..
فها هنا تتجمع الأجيال من لدن نوح وتتجمع الرسل ; ويتلاشى الزمان والمكان ; وتبرز الحقيقة الكبرى: حقيقة الرسالة وهي واحدة. واعتراضات الجاهليين عليها وهي واحدة. وحقيقة نصر الله للمؤمنين وهي واحدة. وحقيقة استخلاف الله للصالحين وهي واحدة. وحقيقة الخيبة والخذلان للمتجبرين وهي واحدة. وحقيقة العذاب الذي ينتظرهم هناك وهي واحدة.. وذلك إلى التماثل بين قول الله لمحمد ( ﷺ ) :
(كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور).
وحكاية قوله لموسى - عليه السلام -:
(ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور).


الصفحة التالية
Icon