ولا تنتهي المعركة بين الكفر والإيمان هنا بل يتابع السياق خطواته بها إلى ساحة الآخرة. فتبرز معالمها في مشاهد القيامة المتنوعة التي تتضمنها السورة. وهذه نماذج منها:
(وبرزوا لله جميعا، فقال الضعفاء للذين استكبروا: إنا كنا لكم تبعا، فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء ؟ قالوا: لو هدانا الله لهديناكم، سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص. وقال الشيطان لما قضي الأمر: إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم، وما كان لي عليكم من سلطان، إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي، إني كفرت بما أشركتمون من قبل، إن الظالمين لهم عذاب أليم.. وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم، تحيتهم فيها سلام)..
(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء)..
(وقد مكروا مكرهم، وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال. فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله. إن الله عزيز ذو انتقام. يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، وبرزوا لله الواحد القهار، وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد. سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار)...
وهي كلها تشير إلى أنها معركة واحدة تبدأ في الدنيا وتنتهي في الآخرة، وتكمل إحداهما الأخرى بلا انقطاع ولا انفصال.
وتكمل الأمثال التي تبدأ في الدنيا وتنتهي في الآخرة كذلك إبراز معالم المعركة بين الفريقين، ونتائجها الأخيرة: مثل الكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة: شجرة النبوة، وشجرة الإيمان، وشجرة الخير. والكلمة الخبيثة: كالشجرة الخبيثة: شجرة الجاهلية والباطل والتكذيب والشر والطغيان.
وأما الحقيقة الثانية المتعلقة بالنعمة والشكر والبطر فتطبع جو السورة كله، وتتناثر في سياقها.


الصفحة التالية
Icon