هذا وإذا كان الكتاب واحدا بلغة واحدة مع اختلاف الأمم وتباين اللغات كان ذلك أبلغ في اجتهاد المجتهدين في تعليم معانيه وتفهيم فوائده وغوامضه وأسراره وحدوده وأحكامه.
وقد ألمعنا إلى عموم الرسالة في الآية ٢٨ من سورة سبأ المارة فراجعها وما ترشدك إليه.
وبعد بيان الرسول للمرسل إليهم ذلك "فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ" ممن آثر الضلالة على الهدى "وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ" ممن فضّل الهدى على الضلال تبعا لما هو مخلوق
له أزلا "وَهُوَ الْعَزِيزُ" الغالب على أمره الذي لا يكون في ملكه إلا ما يريد "الْحَكِيمُ" فيمن يضل ويهدي بحسب معدنه وجبلته "وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا" التسع المار ذكرها في الآية ١٢٩ من الأعراف في ج ١، وقلنا له "أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ" بني إسرائيل من بين القبط وأنقذهم "مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ" مر تفسيرها آنفا "وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ" التي أوقعها على الأمم السابقة بعد ما ابتلاهم بنعمه وأظهروا للناس كفرها، والمراد من الأيام هنا الوقائع لأن العرب يعبرون عن الحوادث بأيام فيقولون يوم الفجار وذي قار ويوم قضّه وغيرها، قال عمرو بن كلثوم :
وأيام لنا غور طوال عصينا الملك فيها ان ندينا


الصفحة التالية
Icon