المثل يستعار للصفة التي فيها غرابة راجع الآية ١١٢ من سورة النحل المارة، وبيّن ذلك المثل بقوله عز قوله "أَعْمالُهُمْ" التي عملوها في الدنيا من إقراء ضيف أو إغاثة ملهوف أو صلة رحم أو عتق رقبة أو فك الأسير أو غيرها "كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ" فطيّرته ولم تبق له أثرا، هكذا يمثله اللّه لهم يوم القيامة لتزداد حسرتهم فتراهم "لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْ ءٍ" منها من الثواب لأنها وقعت منهم حال الكفر إذ يشترط لثواب الأعمال أن تكون مع الإيمان باللّه وعدم الشرك به "ذلِكَ" حرمانهم من ثواب أعمالهم الطيبة "هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ" ١٨ عن طريق الصواب والخسران الكبير عن حسن المآب، وشبه هذه الآية، الآية ٢٩ من سورة النور في ج ٣، قال تعالى "أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ" لأمر عظيم لا عبثا ولا باطلا "إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ" أيها الناس من بينهما فيخسف بكم الأرض أو يطيركم بالهواء فيجعلكم هباء "وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ" ١٩ غيركم أطوع منكم إليه وأكثر عبادة "وَما ذلِكَ" إذهابكم والإتيان بغيركم "عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ" ٢٠ لا ممتنع ولا متعذر لأن القادر لا يصعب عليه شيء فالذي خلق السموات والأرض لا شك قادر على إبادتهما ومن فيهما وإيجاد غيرهم، وهذه الآية مكررة في سورة فاطر ج ١، والأنعام المارة والنساء ج ٣، وغيرها ولكن لمناسبة أخرى.